ففي الاكتفاء بالظن في كل ما يتمكن من تحصيل العلم فيه من الجهات اشكال ، أقواه تحصيل العلم فيه ، إذ مرجعه إلى لزوم تحصيل الظن القوي أو ما هو بحكمه من حيث تقليل جهات احتمال إطلاق وعدم الاكتفاء بالظن الضعيف ، ومن المعلوم استقلال العقل بلزوم تحصيل ما هو أقرب إلى الواقع بقدر الامكان ، ومع امكانه لا إلجاء بالنسبة إلى الأخذ بالظن الضعيف.
الأمر الرابع : انّ الثابت بدليل الانسداد هو الاكتفاء بالظن في تعيين الأحكام الكلية الإلهية بمعنى انّ المظنون إذا كان موافقا للواقع فيثاب عليه ولو كان مخالفا له فيكون المكلف معذورا في مخالفته وأمّا في مقام الامتثال وتطبيق العمل عليه فلا تدل مقدمات الانسداد على الاكتفاء في هذا المقام بالظن لعدم انسداد باب العلم فيه دون مقام تعيين الحكم الكلي لكونه منسدّا فيه.
مثلا لو كان المظنون في حال الغيبة وجوب صلاة الجمعة فيكون الظانّ معذورا على تقدير كون الواجب صلاة الظهر ، وأمّا لو ظن إتيان الجمعة خارجا فلا يكون معذورا في مخالفتها على تقدير الاكتفاء بالظن مع مخالفته للواقع بل يعاقب على تركها.
والسرّ : انّ الظن بالاتيان ليس ظنا بالحكم مع كون العمل مما يمكن تحصيل العلم به ، ولا يقاس بحجية الظن الحاصل من قول اللغوي ونحوه من حيث استلزامه للظن بالحكم الشرعي كما لا يخفى.
ومن هنا ظهر انه لو كان موضوع كلي ذا حكم شرعي معلوم أو مظنون لا يعمل فيه بالظن إذا شكّ في انطباقه على مصاديقه الخارجية ؛ وبعبارة اخرى : الظن يكون موضوع جزئي من مصاديق ذاك الموضوع المحكوم بحكم كذا ليس بحجة من جهة اجراء مقدمات الانسداد في الأحكام الكلية ومنها حكم ذاك الموضوع حيث انّ الظن بانطباق الموضوع على المصداق الجزئي ليس ظنا