وأعلم أنك إن أغرت
على أهل الأنبار وأهل المدائن فكأنك أغرت على الكوفة . هذه الغارات ـ يا سفيان ـ على العراق ترعب قلوبهم وتفرح كل من له هوى فينا منهم وتدعو إلينا من خاف الدوائر . فاقتل من لقيته ممن ليس هو على مثل رأيك . وأضرب كل من مررت به من القرى . وأحرب الأموال فإن حرب الأموال شبيه بالقتل : وهو أوجع للقلب .
وروى إبراهيم بن محمد
بن سعيد بن هلال الثقفي صاحب « كتاب الغارات » أن معاوية استدعى الضحاك بن قيس الفهري وقال له : « سر حتى تمر بناحية الكوفة وترتفع عنها ما استطعت . فمن وجدته من الأعراب في طاعة على فأغر عليه ، وإن وجدت له مسلحة أو ضلا فأغر عليها . وإذا أصبحت في بلدة فأمس في أخرى . . .
فأقبل الضحاك فنهب الأموال
، وقتل من لقى من الأعراب ، حتى مر بالثعلبية . فأغار على الحاج فأخذ أمتعتهم . ثم أقبل فلقى عمرو بن قيس بن مسعود الذهلي ـ وهو ابن أخي عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله ـ فقتله في طريق الحاج وقتل معه ناساً من الصحابة » .
واستدعى معاوية بسر
بن أبي أرطاة « وكان بسر قاسي القلب فظاً سفاكاً للدماء لا رأفة عنده ولا رحمة . فأمره أن يأخذ طريق الحجاز والمدينة ومكة حتى ينتهى إلى اليمن . وقال له : لا تنزل على بلد أهله على طاعة علي إلا بسطت عليهم لسانك حتى يروا أنهم لا نجاة لهم وإنك محيط بهم . ثم اكفف عنهم وادعهم إلى البيعة . فمن أبى فاقتله ، واقتل شيعة علي حيث كانوا . . .
فدخل بسر المدينة ـ
وعامل علي عليها أبو أيوب الأنصاري صاحب منزل رسول الله ـ فخرج أبو أيوب عنها هارباً . ودخل المدينة فخب في الناس وشتمهم
__________________