ولولا أنه خيل إليهم أن الرسول قد قتل لما رجعوا من ساحات القتال .
فلما بلغهم أن الرسول ما زال على قيد الحياة اجمعوا أمرهم على الرجوع إليه فصدهم عن ذلك معبد الخزاعي كما هو معروف (١) . غير أن إخفاق أبي سفيان في مؤامرته المسلحة لوأد الإسلام ونبيه ـ في بدر وأحد ـ لم يثنه عن مواصلة الكفاح المرير لإثارة وقائع أخرى ضد المسلمين .
فألب الأحزاب في حرب الخندق وما بعدها . ولم يعلن إسلامه ـ في الظاهر ـ كما سنرى إلا حين رأى أن ذلك أجدى من السيف في تحطيم الإسلام .
ويصدق الشيء نفسه على قادة الأمويين آنذاك من النساء والرجال .
ولما رأى الأمويون فشلهم المتواصل في مقاومة النبي والاسلام لجأوا إلى اتباع أسلوب جديد للإيقاع بالاسلام . وكان هذا الأسلوب ـ في واقعه ـ أكثر الأساليب إيجاعاً للعقيدة الاسلامية . فتقمص قادتهم الاسلام والتزموا ببعض مظاهره ليتمكنوا من إعلانها حرباً شعواء على الدين من داخله ـ بعد أن أعياهم أمره في حربهم أياه من الخارج .
فأسلم ـ في الظاهر ـ قائدهم أبو سفيان يوم فتح مكة بعد أن لجأ إلى العباس عم النبي مضطراً ، والتمسه أن يأخذه إلى الرسول . فلما أتى به العباس .
قال له رسول الله « ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله ؟
فقال : بأبى أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ! !
والله لقد علمت لو كان معه إله غيره أغنى عنا . فقال : ويحك :
ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ؟ قال بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك ! ! أما هذه ففي النفس منها شيء .
__________________
١ ـ فقد لقى معبد أبا سفيان واتباعه بالروحاء يريدون الرجوع إلى أحد للاجهاز على النبي والمسلمين . فأخبرهم بأن النبي كان قد تهيأ برهط كثيف من اتباعه للخروج في تعقيب المشركين وأشار عليهم بضرورة تفادى ملاقاة المسلمين خشية من الهزيمة . فثناهم عن رأيهم القديم .