لقد أخطأتني وقعة بدر
وقد كنت عليها حريصا . وقد بلغ ـ من حرصي ـ أن ساهمت ابني في الخروج فخرج سهمه . فرزق الشهادة وقد كنت عليها حريصا وقد رأيت ابني البارحة ـ في النوم ـ في أحسن صورة يسرح في ثمار الجنة وأنهارها وهو يقول : إلحق بنا ترافقنا في الجنة . وقد ـ والله يا رسول الله ـ أصبحت مشتقاقا إلى مرافقته في الجنة . . .
وقال أنس بن قتادة : يا
رسول الله هي إحدى الحسينين . إما الشهادة وإما الغنيمة والظفر بهم » .
تلك صورة من أروع صور
دفاع المرء عن عقائده واستعداده للتفاني في سبيلها . فالاستشهاد في ساحات القتال والظفر بالخصم سيان عند مالك بن سنان . فهو لا يبالي أيهما كان لأن في كل منهما الخير .
والاستشهاد في سبيل
صيانة بيضة الإسلام ـ بنظر النعمان بن مالك ـ أفضل من الانتصار على المشركين على الرغم مما في ذلك الانتصار من إعلاء لكلمة الله .
فالنعمان مصم على
دخول الجنة ـ أي أنه قد وطد نفسه على نفسه الموت في ساحات القتال . وليس بعد هذا من شيء يستطيع أن يقدمه المرء في سبيل الدفاع عن معتقداته في الدين والسياسة والأخلاق .
أما خيثمة فقد تسابق
مع أبنه في الوصول إلى الموت ، وأنه أسف على نجاته منه في معركة بدر بقدر ما كان فرحه شديداً باستشهاد ولده .
وقد رأى في المنام
ولده الشهيد على أحسن حال فشجعه على اللحاق به .
وإذا كانت الأحلام
كما يقول فرويد ـ العالم النفسي المعروف تعبيراً عن الرغبات المكبوتة لدى الإنسان ، أي أنها تحقيق لما لا يمكن تحقيقه في الحياة التي يحياها الإنسان ، فإن خيثمة ـ حلمه هذا ـ قد ضرب مثالا آخر من أروع الأمثلة في الدفاع عن الإسلام .
وهناك صور أخرى ، لا
تقل روعة عما ذكرنا ، في التعبير عن موقف المسلمين