وروى صاحب « كتاب
الغارات » أن علياً لما حد النجاشي غضبت اليمانية لذلك وكان أخصهم به طارق بن عبد الله بن كعب النهدي . فدخل عليه فقال يا أمير المؤمنين ما كنا نرى أهل المعصية والطاعة ، وأهل الفرقة والجماعة ـ عند ولاة العدل ومعادن الفضل ـ سيان في الجزاء حتى رأينا ما كان من صنيعك بأخي الحرث فأوغرت صدورنا . .
فقال علي : وإنها
لكبيرة إلا على الخاشعين ! ! وهل هو إلا رجل من المسلمين انتهك حرمة من حرم الله فأقمنا عليه حدا كان كفارته .
أن الله تعالى يقول :
ولا يجرمنكم شنئآن قوم على أن لا تعدلوا . إعدلوا هو أقرب للتقوى .
قال : فخرج طارق من
عنده فلقيه الاشتر فقال يا طارق : انت القائل لأمير المؤمنين أوغرت صدورنا وشتت أمورنا ؟
قال طارق : نعم أنا
قائلها .
قال : والله ما ذاك
كما قلت . إن صدورنا له لسامعة وإن أمورنا لجامعة . فغضب طارق وقال ستعلم يا أشتر غير ما قلت . فلما جنه الليل همس والنجاشي إلى معاوية ، فلما قدما عليه دخل آذنه فأخبره بقدومهما ـ وعنده وجوه أهل الشام منهم : عمرو بن مرة الجهني وعمرو بن صيفي وغيرهما . فلما دخلا نظر معاوية إلى طارق وقال : مرحبا بالمورق غصنه المعرق أصله المسود غير المسود من رجل كانت منه هفوة ونبوة باتباعه صاحب الفتنة ورأس الضلالة والشبهة . . فقام طارق فقال يا معاوية إني متكلم فلا يسخطك . ثم قال :
أما بعد فان ما كنا
نوضع فيما أوضعنا فيه « بين يدي إمام تقي عادل » مع رجال من أصحاب رسول الله أتقياء مرشدين ما زالوا مناراً للهدى ، ومعالم للدين ، خلفا عن سلف مهتدين أهل دين لا دنيا . كل الخير فيهم . اتبعهم من الناس إقيال
__________________