عنده (١) ، وأن يحكم أشياء (٢) عهدها إليه في أهله ، ثم يلحق ، ففعل ذلك. فلما قضاه وأراد اللحوق برسول الله صلىاللهعليهوآله أتى أمه ـ فاطمة بنت أسد ـ ليلا ، فقرع الباب عليها.
فقالت : من هذا؟
فقال : أنا علي.
فقالت : إن اللات والعزى منك بريئان.
فقال لها علي : اخفضي من صوتك ولا توقظي نوامك واكرمي ضيفك ، فأما اللات والعزى فهما مني بريئان كما ذكرت ، وأنا منهما بريء.
ففتحت له الباب ، فجلس.
فقال لها : هل عندك من شيء آكله؟
فرقّت له ، فقالت : ارفع الكساء ، فثم خبزة وشيء من تمر.
فأخذه ، ثم جعل يلاطفها حتى نامت. فوثب الحائط ، ثم سار ليلته ويومه. فأمسى بالروحاء (٣) واستبطاه رسول الله صلىاللهعليهوآله وظهر الغمّ به عليه.
فقيل له في ذلك ، فقال : ومالي لا أغتم وقد خلفت خليلي ، ابن أبي طالب بمكة أمرته باللحوق بي إذا قضى ما عهدت إليه ، ولا أدري ما فعل الله به ، وإن الله عزّ وجلّ قد أعطاني فيه ثلاثا في الدنيا وثلاثا
__________________
(١) قال ابن هشام في السيرة ٢ / ٩٣ : وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله ليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده لما يعلم من صدقه وأمانته صلىاللهعليهوآله .
(٢) في نسخة : والأشياء.
(٣) الروحاء : بالفتح ثم السكون ثم حاء المهملة ، أكثر ما قيل في المسافة بينها وبين المدينة ٣٦ ميلا ( خلاصة الوفاء ص ٥٥٨ ).