والجامع خصوصا عند السيّد الخوئي القائل بسقوط المدلول الالتزامي دائما عند سقوط المدلول المطابقي لأنّه مساو له دائما بحسب رأيه ، ـ كما تقدّم سابقا ـ ، وهنا المدلول المطابقي ساقط عن الحجيّة فيتبعه المدلول الالتزامي أيضا.
وهذه ثمرة عمليّة مهمة بين هذين القولين كما هو واضح.
الثمرة الثالثة : أن يدلّ خبر ضعيف على استحباب الجلوس في المسجد إلى طلوع الشمس مثلا ، على نحو لا يفهم منه أنّ الجلوس بعد ذلك مستحب أو لا.
فعلى الاحتمال الأوّل يجري استصحاب بقاء الاستحباب ، وعلى الثاني لا يجري لأنّه مجعول بعنوان ( ما بلغه ثواب عليه ) وهذا مقطوع الارتفاع لاختصاص البلوغ بفترة ما قبل الطلوع.
الثمرة الثالثة : أن يرد خبر ضعيف السند يدلّ على استحباب الجلوس في المسجد إلى طلوع الشمس ، ولا يفهم أو لا يعلم من نفس هذا الدليل أنّ الاستحباب المذكور هل هو ثابت بعد طلوع الشمس أيضا أم ينتهي عند طلوعها؟
والسؤال هنا هو : هل يجري استصحاب الحكم بالاستحباب إلى ما بعد الطلوع أيضا حيث إنّه مشكوك أم لا؟
والجواب على ذلك يختلف باختلاف الوجهين الأوّل والثاني.
وتوضيح ذلك : أنّا إذا قلنا بأنّ روايات من بلغه تفيد الحجيّة التعبديّة الظاهرية لعنوان البلوغ فيثبت بهذا الخبر استحباب ظاهري ؛ لأنّ عنوان بلوغ الثواب متحقّق فيتحقق بذلك موضوع الحجيّة ، فيحكم بحجيّة هذا الخبر.
وحيث إنّه يشك في بقاء حجيّة هذا الخبر بعد طلوع الشمس فيحكم باستصحاب حجيّته إلى ما بعد الطلوع أيضا ؛ لأنّ الاستحباب ظاهرا معلوم الحدوث سابقا ، ومشكوك البقاء لاحقا فيجري الاستصحاب ، والاستصحاب كما يجري في الأحكام الثابتة واقعا كذلك يجري في الأحكام الثابتة تعبدا.
وأمّا إذا بنينا على الاحتمال الثاني من أنّ مفاد الروايات جعل استحباب نفسي واقعي ثانوي على عنوان ( من بلغه ) فهنا لا يمكن إجراء استصحاب بقاء الاستحباب الثابت قبل طلوع الشمس ؛ وذلك لأنّه على هذا الاحتمال يحكم بثبوت الاستحباب الواقعي على طبق عنوان البلوغ.