القضيّة الحقيقيّة والخارجيّة للأحكام
مرّ بنا في الحلقة السابقة (١) أنّ الحكم تارة يجعل على نهج القضيّة الحقيقيّة ، وأخرى يجعل على نهج القضيّة الخارجيّة.
تقدّم أنّ الحاكم عند ما يجعل حكمه على موضوعه : تارة يجعله على نهج القضيّة الحقيقيّة أي يفترض وجود الموضوع بكلّ حيثيّاته وقيوده ، وأخرى يجعله على نحو القضيّة الخارجيّة ، بأن يشير إلى الموضوع المحقّق في الخارج ويجعل حكمه عليه. فهناك نوعان من الموضوع : الموضوع المفترض والمقدّر الوجود ، والموضوع الموجود فعلا في الخارج.
والقضيّة الخارجيّة : هي القضيّة التي يجعل فيها الحاكم حكمه على أفراد موجودة فعلا في الخارج في زمان إصدار الحكم ، أو في أي زمان آخر ، فلو أتيح لحاكم أن يعرف بالضبط من وجد ومن هو موجود ومن سوف يوجد في المستقبل من العلماء فأشار إليهم جميعا وأمر بإكرامهم ، فهذه قضيّة خارجيّة.
القضيّة الخارجيّة : هي التي يكون موضوعها موجودا في الخارج في أحد الأزمنة الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل ، بحيث يلاحظ الحاكم هذه الأفراد ويشير إليها في حكمه. فالأفراد فيها موجودة فعلا قد فرغ عن وجودها وقد لاحظها الحاكم في حكمه فعلا ، وهنا مثالان لذلك :
الأوّل : أن تكون الأفراد موجودة فعلا في زمان إصدار الحكم ، بأن يشير الحاكم إلى هذه الأفراد الموجودة فعلا ويحكم عليها ، ويكون وجودها مقارنا لوجود الحكم أي يتّحد زمان الحكم وزمان وجود الأفراد ، فيقول مثلا : ( أكرم كلّ من في هذا المعسكر من جنود ). فإنّ الجنود موجودون فعلا في زمان إصدار الحكم.
__________________
(١) ضمن بحوث التمهيد ، تحت عنوان : القضيّة الحقيقيّة والقضيّة الخارجيّة للأحكام.