وكذا لو أمره باحترام الوالدين ، فيمكن أن يجسِّد ذلك في ضمن المصداق ، الذي هو الوقوف لهما حين قدومهما ، وبإجلاسهما في صدر المجلس ، وبالجلوس بين أيديهما في حالة الخضوع والتأدب ، وبعدم التقدم عليهما في المشي وفي المجالس ، وبتقبيل أيديهما ، وبغير ذلك من أُمور.
وكذا الحال .. لو صدر الأمر باحترام النبيِّ ، ومحبته ، وتعظيمه ، وإجلاله ، وتوقيره ، مع عدم التحديد المانع من الأغيار في نوع بخصوصه ... فبإمكان المكلف أَن يختار ما شاء من المصاديق التي تنطبق عليها تلك العناوين ، ولا يكون ذلك بدعة ، ولا إدخالا لما ليس من الدين في الدين.
فيمكن تعظيمه صلَّىٰ الله عليه وآله وسلم ، وتوقيره وتبجيله ، بإقامة الذكريات له ، ويمكن أن يكون بنشر كراماته وفضائله ، وبالصلاة والتسليم عليه كلما ذكر ، وبتأليف الكتب عن حياته الشريفة ، وبإطلاق اسمه على الجامعات ، والمعاهد ، وغيرها ، وبغير ذلك من مصاديق التعظيم والتبجيل ، والالتزام بالوقت المخصوص لا حرج فيه مادام أَنه لا يعتبر من الدين ، كما لا يعتبر توقيت درس الفقه مثلا بكونه بعد صلاة المغرب والعشاء ، كما يعترف به هؤلاء وينصحون به ١ ادخالا في الدين ما ليس منه ..
وهكذا يقال بالنسبة لما ورد من الحث على البكاء على الامام الحسين عليه الصلاة والسلام والتحزُّن لما أصابه وصحبه الأبرار حيث يترك أمر اختيار الكيفية والوقت الى المكلفين.
بقي أن نشير إلى أنَّ الاستدلال على مشروعية عمل المولد بأنه سنَّةٌ حسنةٌ ، وقد قال (ص) : « من سَنَّ سُنَّةً حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها الخ ... » ٢
في غير محله أيضا ... وذلك لأن مورد الرواية ـ حسبما يقولون ـ هو التصدُّق على اُؤلئك الذين جاءوا إلى النبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلم بحالة يرثى
__________________
١ ـ الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف ، ص ٦٧.
٢ ـ نقل هذا الاستدلال في القول الفصل ص ٤٣ / ٤٤ عن : محمد بن علوي المالكي في مقدمته لطبقة مولد ابن الدبيع ص ١٣ وفي رسالته : حول الاحتفال بالمولد النبوي ص ١٨ وفي مقدمته للمورد المروي ص ١٧.