الآية
السابقة.
مناسك
الحج تكرار للذكرى
واستدل بعض العلماء بأن جل أعمال مناسك
الحج ما هي إلّا احتفالات بذكرى الأنبياء ، فأمر الله تعالى باتخاذ مقام إبراهيم مصلَّىٰ ،
إحياءً لذكرى شيخ الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، أمّا السعي بين الصفا والمروة ،
فهو تخليد لذكرى هاجر حينما عطشت هي وابنها إسماعيل ، فكانت تسعى بين الصفا والمروة ، وتصعد عليهما لتنظر : هل ترى من أحد (كما ذكر البخاري) ...
ورمي الجمار تخليد لذكرى إبراهيم عليه
السّلام ، حينما ذهب به جبريل الى جمرة العقبة ، فعرض له الشيطان ، فرماه بسبع حصيات فساخ.
وذبح الفداء ، إنما هو تخليد لذكرى
إبراهيم أيضا حينما أُمِرَ بذبح ولده إسماعيل ففداه الله بذبح عظيم.
وفي بعض الأخبار : أن أفعال الحج إنما
هي احتفال بذكرى آدم ، حيث تاب الله عليه عصر التاسع من ذي الحجة بعرفات ، فأفاض به جبريل حتى وافى إلى الشعر الحرام فبات فيه ، فلما أصبح أفاض إلى منى ، فحلق رأسه إمارة على قبول توبته ، وعتقه من الذنوب.
فجعل الله ذلك اليوم عيداً لذريته.
فأفعال الحج كلها تصير احتفالات
واعياداً بذكرى الأنبياء ، ومن ينتسب اليهم ، وهي باقية أبد الدهر.
ونقول :
أوّلاً
: ان هذا الاستدلال يتوقف على ثبوت
الروايات المشار إليها آنفا ، على كون قوله تعالى : « وَاتَّخِذُوا مِن
مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى »
قد جيء به للإشارة إلى هذا الأمر التاريخي ...
والآية إنما أوردت كلمة « مقام إبراهيم
» للإشارة إلى موضوع الحكم ، وليس عنوان هذا الموضوع دخيلا في ثبوت
ذلك الحكم ، لا بنحو الاقتضاء ولا بنحو العلِّيَّة التامّة ، ولعلة تكون
العلة للحكم أمراً آخر ، ويكون العنوان من قبيل
__________________