فى كلام الشارح فى آخر المسألة فلا احتياج فى حسنه الى اشتماله على اللطف ، بل نفس ذلك لطف كالتكليف ، وقد روى فى الكافى باب شدة ابتلاء المؤمن بالاسناد الى عبد الله بن ابى يعفور قال : شكوت الى ابى عبد الله عليهالسلام ما القى من الاوجاع ـ وكان مسقاما ـ فقال لى : يا عبد الله لو يعلم المؤمن ما له من الاجر فى المصائب لتمنى انه قرض بالمقاريض ، قلت : ان لم يشتمل على اللطف لزم العبث فى بلائه تعالى اياه كما اشار إليه الشارح رحمهالله لانه تعالى قادر على ان يتفضل عليه من دون ابتلائه بالالم المقتضى للعوض بخلاف الثواب المترتب على التكليف فانه لا يمكن من دون سبق التكليف على ما مر بيانه فى المسألة الحادية عشرة ، والحديث كامثاله مطلق لا يدل على ان الله عز وجل يتفضل بالعوض على المصيبة من دون ان يكون لها وجه اللطف.
ثم اعلم ان المتالم كما مرت الاشارة إليه من قبل قريبا اما مستحق للألم كالسارق المجتمع فيه شرائط قطع اليد واللص المتألم بدفع المهاجم عليه اياه والاقوام الذين اخبر الله تعالى فى الكتاب بتعذيبهم على تعديهم حدود الله تعالى وغيرهم ممن حسن ايلامهم حدا او تعزيرا او قصاصا او عقوبة او غير ذلك ، وهذا كله يجمعه الوجه الاول والخامس فى كلام المصنف ، واما غير مستحق للألم كالانبياء والأوصياء والاولياء والورعين من العباد والاطفال بل الحيوانات ، وهذا كله يجمعه الوجه الثانى والثالث والرابع فى كلامه ، ويسمى هذا بالالم المبتدأ بالمعنى الاعم بمعنى عدم سبق المقتضى لاستحقاقه وان كان فى الوجه الرابع سبق جرى العادة عليه.
ثم ان ظاهر كلام الشارح رحمهالله فى نهج الحق اشتراط اللطف فى الالم المبتدأ بالمعنى الاعم لا فى المشتمل على النفع فقط كما هو صريح المصنف هنا ، قال رحمهالله فى نهج الحق : المطلب التاسع عشر فى الاعواض ، ذهبت الامامية الى ان الالم الّذي يفعله الله تعالى بالعبد اما ان يكون على وجه الانتقام والعقوبة وهو المستحق لقوله تعالى : ( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ ) ، وقوله : ( أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ) ، ولا عوض فيه ، واما ان يكون على وجه الابتداء ، وانما يحسن فعله من الله تعالى