والشكّ في بقاء الحكم السابق وإن كان يحتاج الى افتراض زوال بعض الخصوصيات وإلاّ لم يحصل الشكّ غير أنّ الخصوصية إذا كانت من قبيل السبب ـ ويعبر عن السبب بالحيثية التعليلية ـ فزوالها لا يوجب تغير الحكم بل هو واحد ، غاية الأمر حصل التغير في سببه. وأمّا إذا كانت الخصوصية الزائلة خصوصية راجعة الى الموضوع ـ كما إذا تحول البول الى بخار فإنّ البولية خصوصية معتبرة في الموضوع فإذا زالت لم يمكن استصحاب الحكم بالنجاسة ، لأنّ الخصوصية الراجعة الى الموضوع ـ وتسمى بالحيثية التقييدية ـ إذا تبدلت أوجب ذلك تغير الحكم بالنجاسة وكانت النجاسة السابقة المتيقنة غير النجاسة المشكوكة فلا يجري الاستصحاب.
وخلاصة الجواب : إنّ افتراض زوال بعض الخصوصيات وإن كان أمرا لازما الاّ أنّ الخصوصية الزائلة متى ما كانت حيثية تعليلية لم يضر ذلك في وحدة الحكم ويصدق أنّ المتيقن عين المشكوك كما ويصدق أنّ الموضوع محرز البقاء ، ومتى كانت حيثية تقييدية لم يجر الاستصحاب.
وبعد ان عرفنا هذا نطرح السؤال التالي : متى نعرف انّ الخصوصية هي من قبيل الحيثية التعليلية للحكم كيما لا يضر زوالها بجريان الاستصحاب أو من قبيل الحيثية التقييدية ليمتنع جريان الاستصحاب؟
والجواب : قد يقال إنّ الميزان في ذلك ملاحظة لسان الدليل ، فإن كان يعبر : الماء نجس إنّ تغير فحيثية التغير حيثية تعليلية ، وإن كان يعبر : الماء المتغير نجس فحيثية التغير حيثية تقييدية ، فإن أخذ الحيثية في الحكم حق للشارع ، كما وإن اخذها بنحو التعليل أو بنحو التقييد حق له أيضا ، وما دام ذاك حقا له فلا بدّ