٣ ـ المقدمة العقلية للواجب ، وهي المقدمة التي لا يتوقف عليها اصل الوجوب بل امتثاله توقفا عقليا كالسفر بالنسبة الى الحج ، فان وجوب الحج لا يتوقف على السفر والا يلزم عدم ثبوت الوجوب على من لم يسافر وانما هو مقدمة لامتثاله ، وهذه المقدمة مقدمة عقلية فان العقل هو الذي يحكم بلزوم السفر لامتثال الامر بالحج بخلافه في الوضوء فانه لا يحكم بمقدميته للصلاة ، ومن هنا يسمى مثل السفر بالمقدمة العقلية باعتبار ان العقل هو الذي يحكم بمقدميته. ومن امثلة المقدمة العقلية ارتقاء السلّم فانه لو وجب النوم على السطح فالعقل يحكم بمقدمية ارتقاء السلّم ووجوبه ليتمكن من امتثاله.
وبعد اتضاح هذه الاقسام الثلاثة للمقدمة نشير الى فارق بين القسم الثاني والثالث ، ففي القسم الثاني لم يأمر المولى بذات الصلاة بل بالصلاة المقيدة بالوضوء ، فحصول الوضوء يكون مقدمة للتقيّد المطلوب ، اذ المفروض ان المطلوب ليس هو ذات الصلاة بل الصلاة مع التقيد بالوضوء ، فتحصيل الوضوء انما يلزم من باب انه مقدمة لحصول التقيد بالوضوء ، وهذا بخلافه في القسم الثالث فان المولى يأمر بذات الحج لا الحج المقيد بالسفر ، فالاتيان بالسفر اذن لا يكون مقدمة للتقيّد لفرض عدم طلب تقيد الحج بالسفر (١).
__________________
(١) ورد في عبارة الكتاب ان المقدمة المذكورة ـ كالوضوء مثلا ـ مقدمة عقلية للتقيّد ، وقد تسأل : ان كون الوضوء مقدمة للتقيد امر مسلم ولكن كيف هو مقدمة عقلية لا شرعية؟ ولتوضيح الجواب نذكر رأيا للآخوند يقول فيه : ان تقسيم المقدمة الى شرعية وعقلية ليس تاما بل المقدمة دائما عقلية ، فالوضوء مثلا مقدمة عقلية بتقريب : ان الوضوء انما صار مقدمة للصلاة باعتبار ان المولى لم يأمر بذات الصلاة بل بالصلاة+ التقيد بالوضوء ، ومن الواضح ان التقيد بالوضوء بعد ما كان مطلوبا فتكون مقدمية الوضوء مقدمة عقلية ، اذ مقدمية القيد لتحقق التقيد مما يحكم بها العقل ، فالتقيد بالوضوء بعد ما كان مطلوبا يحكم العقل بلزوم الاتيان بالقيد وهو الوضوء لكي يحصل التقيد. ـ