الله ما هو ، فقد كثر عليّ المجادلون وحيروني ؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : « هل ركبت سفينة قط ؟ » قال : نعم . قال « فهل كُسِر بك حيث لا سفينة تنجيك ؟ » قال : نعم . قال : « فهل تعلّق قلبك هنالك ، أنّ شيئاً من الأشياء قادر على أن يخلّصك من ورطتك ؟ » قال : نعم . قال الإمام الصادق عليهالسلام : « فذلك الشيء هو الله ، القادر على الانجاء حيث لا منجي ، وعلى الاغاثة حيث لا مغيث » (١) .
ثمّ إن الالتجاء إلى الله تعالى في حالات الخوف لا يكون دليلاً على أن وجود الواعز الديني عند الإنسان هو نفس الخوف ، وإنما يكون ذلك السلوك من الإنسان دليلاً على أنه لو لم يكن الإنسان قد آمن بهذا الخالق العظيم في طيات نفسه وضميره ، واعتقد ذلك بما لا يقبل الشك ، لما كان قد تعلق قلبه في وقت الشدة والخوف به ، حيث لا منجي إلّا هو لأن الإنسان قد يعتريه التكبّر والجحود ، لا لكونه ليس مؤمناً في واقع فطرته ، وإنما بسبب نزعة التمرد عنده ، وهذا ما يشير إليه القرآن صريحاً بقوله : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ) (٢) . وقوله : ( وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ) (٣) .
إذن فالإنسان الذي يلتجئ في حالات الخوف إلى الله ( إنما يكون تصور الخوف سبباً للانتباه إلى وجود الإله الخالق عبر ذلك الإذعان الفطري ، وذلك البرهان العقلي ، لا سبباً موجداً له في الذهن ، وكم فرق بين
________________________
١) نوادر الأخبار : ص٦٥ ، بحار الأنوار / للعلامة المجلسي ٣ : ٤١ .
٢) سورة النمل : ١٤ .
٣) سورة الكهف : ٥٤ .