المقدسات الدينية ، ويعكس أوضاعها » (١) .
وبهذا يظهر بطلان هذا الرأي ، الذي شبّه الدين بالسحر ، وأن منشأ تكوّن الدين هو الخوف .
ونناقش ـ ثانياً ـ كلام « راسل » في إثبات هذه النظرية ، فراسل يردّد النغمة السابقة في نظرية الجهل من حيث لا يشعر ، لأن الخوف غالباً ما يكون بسبب الجهل وقد ناقشنا ذلك في النظرية الأولى .
ثم إن راسل ذيّل كلامه بقوله : ( وتفوّت عليه ما يندم عليه في ساعات استقراره وهدوئه ) ، فهو يعترف أن في الإنسان بعدين ، هما الجانب الغريزي ، والجانب الإنساني العلوي ، والذي منه استمدّ فكره وشخصيه .
ويمكن أن نسأل راسل ، أنّ هذا الندم من أي جانب من جانبي الإنسان يصدر ؟ هل من جانبه الروحي العلوي ، أم من جانبه الغريزي الحيواني ؟ .
فإذا كان الثاني ، فلماذا لا نرىٰ هذا الشعور لدى الحيوانات ، على الرغم من الاشتراك ما بين الحيوان والإنسان في هذا البُعد وهذا الجانب ؟ .
وإذا كان الأوّل ـ وهو الجانب الروحي ـ فلماذا لا يكون الواعز الديني ، والانشداد إلىٰ عالم الغيب صادراً منه ، كأيّ نتاج إنساني آخر ، كالفن والفكر والصناعة وغيرها ؟
والعجب من راسل كيف لا يلتفت إلى أن طبيعة الإنسان الفطرية هي البحث عن الحقيقة ، ومحاولة معرفة العلل المحيطة به ، وسبر المجهول والغيب ؟ ألم يفكر الإنسان في ذلك الزمان في سبب وجوده ، ووجود
________________________
١) هامش كتاب الدين / دراز : ٤٧ .