ثانياً : نظرية الخوف
وهي لا تختلف كثيراً عن النظرية الأُولى ، غير أنّها تُركز على عنصر الخوف عند الإنسان من الظواهر الطبيعية ، أو الصراعات ما بين الإنسان والحيوان ، أو ما بين الإنسان وأخيه الإنسان ، ولأنّه لا ملجأ له إلاّ الاستعانة بقوة غيبية يستمدُّ منها العون والمساعدة ، فيخضع لها لتساعده على كل ذلك . أو أنّه يرى أن سبب هذه الظاهرة قوة خفية تغضب عليه فتعاقبه بتلك الكوارث ، لذلك ونتيجة خوفه منها يتجه إليها بالعبادة والخضوع ، ومن هنا نشأ الدين.
ومن القائلين بهذه النظرية « اك برن وليم كف » في كتابه « مبادئ علم الاجتماع » حيث يقول : « لقد كان الدين يشبه السحر إلى حدٍ كبير في المراحل المتقدمة من تاريخ الإنسان ، فإن الساحر والمتدين كانا يعملان معاً في إرضاء الطبيعة الساخطة ، وتوفير الأمن لأنفسهم » (١).
ومن هؤلاء أيضاً « برتراند راسل » الفيلسوف الانگليزي المعروف ، الذي يقول: « في عقيدتي ، أن الاقبال على الدين والتدين في تاريخ الإنسان ، ينشأ عن الخوف ، فإن الإنسان يرى نفسه ضعيفاً إلى حدٍ ما في هذه الحياة ... وعوامل الخوف في حياة الإنسان ثلاثة :
فهو يخاف ـ أولاً ـ من الطبيعة الّتي قد تحرقه بصاعقة من السماء ، أو تبتلعه بزلزال في الأرض تحت قدميه . ويخاف ـ ثانياً ـ من الإنسان الّذي قد يسبب له الدمار والخراب والهلاك ، بما يثير من حروب . ويخاف ـ ثالثاً
__________________
(١) دور الدين في حياة الإنسان / الآصفي : ٧٤.