ففيه أولا أنه أدري في هذا الحال. مضافا إلى أن مقتضى عموم ولايته وأن الحكومة له ـ فهو مسلط عليها كتسلط الملاك على أملاكهم ـ جواز ذلك له ، كما هو واضح.
هذا وقد يظهر من الروضة اعتبار جميع هذه الشرائط في الفتوى أيضا ، وهو مبني على انحصار دليل قبولها بدليل قبول الحكم ، فيعتبر فيها حينئذ ما يعتبر فيه.
لكن لا يخفى عليك ما فيها ، ضرورة منع انحصار دليلها في ذلك ، بل هو العقل بعد كون الفتوى الصحيحة مما أنزل الله ومن القسط والعدل والحق وغير ذلك مما وجب على الناس قبوله عقلا ونقلا ، فجميع ما دل على الأمر بالمعروف والأخذ بما أنزل الله والقيام بالعدل دال عليه وإن فقد شرط منصب القضاء بعدم الكتابة مثلا أو بالعمى أو بالذكورة أو نحو ذلك مما لا مدخلية لاندراج فتواه فيما عرفت قطعا ، كما هو واضح بأدنى التفات. ومن هنا كانت شرائط الفتوى غير شرائط القضاء ، كما لا يخفى على من لاحظ كتب أصحابنا في الأصول والفروع.
بل مما ذكرنا يظهر أن قبول الفتوى بعد اندراجها في الحق والعدل والقسط ونحو ذلك لا يحتاج إلى إذن من الامام عليهالسلام بل الكتاب (١) والسنة (٢) بل والعقل متطابقة على وجوب الأخذ بها ، وحينئذ فدليل التقليد غير دليل القضاء.
نعم قد يستفاد من دليل الثاني أن الفتوى بكلي الواقعة المخصوصة من الحق ومما أنزل الله ومن حكمهم ومن العدل والقسط ونحو ذلك ، ضرورة التلازم بين كون الحكم بالخصوصية كذلك وبين كون الحكم الشرعي
__________________
(١) سورة النساء : ٤ ـ الآية ٥٨ و ١٣٥ وسورة المائدة : ٥ ـ الآية ٨.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب صفات القاضي.