فقال أبو نائلة : إنّ معي رجالا من أصحابي على مثل رأيي ، وقد أردت أن آتيك بهم فنبتاع منك طعاما ، أو تمرا وتحسن في ذلك إلينا ، ونرهنك ما يكون لك فيه ثقة.
فقال كعب : وما ذا ترهنونني يا أبا نائلة ، أبناءكم ونساءكم؟؟!
فقال أبو نائلة : لقد أردت أن تفضحنا وتظهر أمرنا ، ولكنا نرهنك من الحلقة ( أي السلاح ) ما ترضى به.
فرضي كعب بن الاشرف بذلك.
وإنما قال أبو نائلة هذا القول لابن الاشرف حتى لا يستغرب إذا رأى السلاح بيد الرجال الذين سيأتون معه.
ثم خرج أبو نائلة من عند ابن الاشرف على ميعاد ، فاتى أصحابه ، فأخبرهم بما دار بينه وبين كعب ، فأجمعوا أمرهم على أن يأتوه إذا أمسى لميعاده ، ثم أتوا الى رسول الله صلىاللهعليهوآله عشاء وأخبروه ، فمشى معهم حتى اتى البقيع ، ثم وجّههم ، ثم قال :
« امضوا على بركة الله وعونه اللهم أعنهم ».
فمضوا حتى أتوا ابن الاشرف ، فلمّا انتهوا إلى حصنه هتف به أبو نائلة ، وكان ابن الاشرف حديث عهد بعرس ، فوثب من فراشه ، فأخذت امرأته بناحية ملحفته وقالت : أين تذهب ، إنك رجل محارب ، ولا ينزل مثلك في هذه الساعة؟؟
فقال ابن الاشرف : ميعاد ، إنما هو أخي أبو نائلة.
ثم نزل إليهم فحيّاهم ، ثم جلسوا فتحدثوا ساعة حتى اطمأن إليهم.
ثم قالوا له : يا ابن الاشرف : هل لك أن تتمشّى الى شعب العجوز ( وهو موضع قرب المدينة ) فنتحدث فيه بقيّة ليلتنا.
فخرجوا يتماشون حتى ابتعدوا عن حصنه ، وبينما هم كذلك إذ أدخل أبو نائلة يده في رأس كعب ثم شم يده فقال : ويحك ما أطيب عطرك هذا يا ابن الاشرف ، ثم مشى ساعة ، ثم كرّر هذا العمل ثانية حتى اطمأن ثم مشى ساعة