من ثالث؟ وجوابنا ان المصلحة ربما تكون في الاقتصار على اثنين في الارسال في وقت ثمّ فيما بعده تكون المصلحة في ضم ثالث إليهما لان المصالح تختلف بالأوقات ومتى قيل كيف يصح بعثه الرسل في حالة واحدة والشرع واحد وما الفضل بين الجماعة في ذلك وبين الواحد؟ وجوابنا أنه إذا قدّر إرسال بعض دون بعض فلاختلاف المصالح في الاوقات واذا جمع بينهم في الارسال فلان المصلحة في جماعتهم ولا بد في المعجز من أن يظهر على كل واحد أو على جماعتهم وقوله من بعد ( وَما عَلَيْنا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ) يدل على أنه لا نبي الا وقد بلّغ ما جاء به قبل أم رد وقوله عز وجل ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ) المراد به من جاء من أقصى المدينة يسعى وظاهر ذلك يقتضى أن دخوله الجنة واقع وانها ليست جنة الخلد ولا يمتنع في بعض من يحبه الله تعالى أن يدخله بعض جنان السماء كما ذكرناه في الانبياء والشهداء فلا يصح أن يجعل حجة في أن جنة الخلد مخلوقة ويدل ذلك على سرور المرء بوقوف قومه على عظم منزلته واجتماعه معهم لا يكاد يعدله غيره من السرور.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ ) أليس يدل ذلك على أنه تعالى جعل ما عملته أيديهم كما جعل الجنات وذلك يدل على ان أفعال العباد مخلوقة لله تعالى؟
وجوابنا ان قوله ( وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ ) يرجع الى قوله ( لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ ) فكأنه قال ليأكلوا من ثمره وليأكلوا ما عملته أيديهم بالمكاسب وغيرها فبين أنه جل وعز خلق لهم النعيم ومكنهم أيضا من اكتساب النعيم فيبطل ما قالوه وقوله تعالى من بعد ( وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ ) أحد ما يدل على وجوب النظر في الآيات وفساد التقليد.