بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ) فجمع بذكر الصبر جميع ما منع تعالى منه وبذكر الصلاة جميع ما أمر به وبين ان الصلاة كبيرة ( إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ ) أي ثواب ربهم فيعلمون المجازاة فيعظم خوفهم ويعلمون انهم اليه راجعون. وبين لبني اسرائيل ولنا بقوله ( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ ) ان من حكم ذلك اليوم ان المرء ينتفع بعمله دون هذه الامور وان أهل العقاب لا يتخلصون الا بما يكون منهم في الدنيا من التوبة وتلافي المعصية ثمّ قال عز وجل ( وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ) فمنّ عليهم بما كان منه تعالى من نجاة آبائهم على ما ذكرنا وذكر نعمه حالا بعد حال إلى قوله ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا ) وقوله في خلال هذه الآيات ( وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ ) يدل على أن الرؤية على الله تعالى لا تجوز وقوله ( وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ ) يدل على قدرة الله تعالى على الأمور العجيبة وان عصا موسى كانت من الآيات العظام فمرة كانت تصير بيده ثعبانا فيتلقف إفك السحرة ومرة كان يضرب بها على الحجر فينفجر منه من الماء ما يحتاجون اليه ومرة كان يضرب بها على البحر فينفلق ويصير لهم طريقا يبسا ولما ذكر قوله ( وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ ) ظن بعضهم ان بني اسرائيل أفضل من سائر الانبياء وليس الامر كذلك وانما أراد به فضلهم على عالمي زمانهم وكذلك كانوا في أيام موسى صلّى الله عليه وسلم دينا ودنيا.
[ مسألة ] وربما قالوا في قوله تعالى ( فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) كيف يدخل قتل النفس في التوبة. وجوابنا انه تعالى أوجب أن يقتل بعضهم بعضا لعلمه بأن ذلك صلاحهم لا ان ذلك من شروط التوبة لان التوبة مقبولة اذا صحت بدون غيرها.