[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَأَوْحى
رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً ) كيف يصح أنه يوحي
الى ما لا يعقل وعندكم أنه تعالى إنما يوحي إلى الأنبياء. وجوابنا ان المراد بذلك
ألهمها هذه الامور وخلق فيها العلم بهذه الأشياء ولم يرد بذلك الوحي الذي يكون
بانزال الملائكة وكل أمر يلقى الى الغير على وجه الاخفاء والاستسرار يوصف بأنه وحي
فلما كان ما ألهم جل وعز النحل على هذا الحد جاز أن يقول أوحى اليها ونبه بذلك على
عجيب أمر النحل فيما تتعاطاه من هذا الطعام الذي هو أشرف الاطعمة وكيف تلتقط ذلك
من الشجر المختلف حتى يحصل منه هذا الطعام وكيف تتولى مكان ذلك وكيف ترتبه ومتى
تأمل العاقل ذلك عرف به من عجيب نعم الله تعالى ما لا يكاد يوجد في سائر الحيوان.
[ مسألة ] وربما
قيل في قوله تعالى ( أَلَمْ يَرَوْا إِلَى
الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللهُ ) أما يدل ذلك على
أنه تعالى يخلق فيها الطيران. وجوابنا أنه تعالى لما جعل في الجو الهواء المتكاثف
الذي يصح من الطير أن يطير فيه ويتوقف عليه جاز أن يضيفه الى نفسه بأنه سخرها لما
فعل ما لولاه لم تثبت في الجو لأنه تعالى جعل ذلك الهواء اللطيف بمنزلة الماء الذي
يسبح فيه وهذا هو وجه الكلام ثمّ إنه تعالى بعد ذلك رغب في عبادة الله تعالى بأقوى
وجوه الترغيب فقال ( ما عِنْدَكُمْ
يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ ) فنبه بذلك على أن ما عندنا له نهاية وآخر وان الذي يدوم من
النعم هو ما يجازي جل وعز عباده المطيعين به فرغب بذلك في فعل ما يؤدي الى هذه
النعم الباقية ولذلك قال بعده ( وَلَنَجْزِيَنَّ
الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ).
[ مسألة ] وربما
قيل في قوله تعالى ( فَإِذا قَرَأْتَ
الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ) كيف يصح ذلك
والاستعاذة تتقدم قراءة القرآن لا أنها تتأخر عنه. وجوابنا أن المراد فاذا عزمت
على قراءة القرآن