فقد ذكر الشيخ مرتضى الأنصاري بما معناه ـ ووافقه صاحب الكفاية مع تعديل طفيف يرجع إلى الصياغة ـ أنّ أسدّ التعاريف وأخصرها للاستصحاب هو أنّه « الحكم ببقاء ما كان ».
إلاّ أنّ السيد الخوئي رحمهالله أورد على هذا التعريف بإيراد حاصله :
أنّه لا يتناسب مع تمام المباني المختلفة في تحديد واقع الاستصحاب وما هو الدليل عليه ، وإنّما يتناسب مع البناء على أنّ الاستصحاب من الأصول العمليّة ، إذ أنّه بناء على أنّ الاستصحاب من الأمارات ينبغي أن يعبّر التعريف عن أهلية الاستصحاب للكشف عن الحكم الشرعي ، ولهذا يمكن أن يقال إنّه ليس للاستصحاب تعريفا يمكن أن يكون معبّرا عن تمام المباني المتباينة من جهة تحديد هوية الاستصحاب ونحو دليليّته وما هو دليل حجيّته.
ومن أجل أن يتّضح إشكال السيد الخوئي رحمهالله على التعريف لا بدّ من بيان معنى التعريف وما هو منشأ عدم صلوحه لتعريف الاستصحاب بناء على أماريته فنقول :
إنّ المراد من تعريف الاستصحاب بأنّه « الحكم ببقاء ما كان » هو حكم الشارع باستمرار الحالة المتيقنة في ظرف الشك في استمرارها فما كان متيقنا حقيقة هو متيقن عملا في ظرف الشك في البقاء ، ومن الواضح أنّ هذا التعريف إنّما يتناسب مع كون الاستصحاب أصلا عمليّا ؛ وذلك لأنّ الأمارة ليست حكما شرعيا وإنّما هي كاشف ظني نوعي ، أي أنّ الأمارة هي ما يكون العلم بها موجبا للظن بمؤداها عند نوع العقلاء ، فالاستصحاب لو كان أمارة لما كان بنفسه حكما شرعيا ، نعم يكون كاشفا