الشبهة والشك لأنّ تعدّد الأفراد واختلاف الحكم فيها من حيث الحليّة والحرمة يوجب عادة وقوع المكلّف في الاشتباه وأنّه ما هو الحلال وما هو الحرام؟ فالجبن مثلا من الطبايع التي يختلف الحكم في أفرادها فمنها ما هو محرّم ومنها ما هو محلّل ، وهذا ما يوجب وقوع المكلّف في الحيرة والاشتباه ، وإذا تمّ هذا فالرواية مختصّة بالشبهات الموضوعيّة ؛ وذلك لأنّه مع استظهار أنّ المنشأ للشكّ هو تعدّد أفراد الطبيعة واختلاف الحكم فيها يكون المناسب لذلك هو الشبهات الموضوعيّة ؛ إذ أنّ الشبهات الحكمية لا ينشأ الشكّ فيها عن ذلك بل عن عدم العلم بأصل الحكم ، فحينما يكون المكلّف شاكا في حرمة العصير العنبي فإن هذا الشك يكون منشؤه عدم العثور على نصّ يدلّ على الحرمة أو ابتلاء النصّ الدالّ على الحرمة بالمعارض.
وهذا بخلاف الشبهات الموضوعيّة فإنّها هي التي قد تنشأ عن اختلاف أفراد الطبيعة الواحدة في الحكم.
القرينة الثانية :
إنّ لفظ « بعينه » في الرواية الشريفة لا يكون له مبرّر عرفا إلاّ إذا كانت الشبهة موضوعيّة ؛ وذلك لأنّ معرفة الحرام بعينه يكون حينئذ احتراز عن معرفة الحرام إجمالا ، وهذا ما يناسب الشبهات الموضوعيّة ، إذ هي التي يكون الاشتباه فيها عادة بنحو الشبهة الإجماليّة ، فالمكلّف حينما يكون عالما بأصل الحرمة يكون عالما أيضا بثبوت الحرمة لأفراد غير معيّنين بنحو العلم الإجمالي ، فالرواية تقول إنّ هذا المقدار من العلم ليس هو غاية الحليّة بل إنّ غاية الحليّة هو معرفة الحرام بعينه ، أي بنحو العلم