من قبل من علت درجته بلا ريب ولاشكّ وهو واضح بالتأمل. وكذلك هناك كثير من الهيئات والحالات التي لا يمكن لمثل هؤلاء ان يكونوا فيها ، مع أنها خارجة عن مورد العقاب والذمّ. فحديثنا منصبٌّ حول وجود المنفّر وعدم وجوده.
فنرى من أنّ أي شيء يكون منفّراً عن هؤلاء الأشخاص لا يمكن أن يرتكبوه أو يكونوا فيه سواء كان مباحاً أم غير مباح ، وسواء كان عملاً أم غير عمل ، وسواء كان حالة وهيئة أم غيرهما.
ولازم من يقول من أنّ الحديث حول التوبة من ذاك الذنب الصغير وعدمه ، فإذا تاب كان هذا غير لازم للتنفير عنه ؛ لأنّها قد أزالت الذم والعقاب ، لازم ذلك القائل جواز ارتكاب الكبائر قبل البعثة إذا تاب ، بل بعدها مع التوبة ، وهو كما ترىٰ.
كما أنّ ارتكاب الصغيرة لا يمكن قياسه بترك النوافل وأشباهها ، فهما مختلفان من حيث ان ارتكاب الصغيرة يكون منفّراً ، بينما ترك النافلة لا يكون كذلك إلاّ في حالات خاصة نلتزم بعدم تركها فيها.
المهم أنّ العرف هو الذي يُحدّد ما هو المنفّر من غيره ، ولا ضابطة دقيقة في ذلك أصلاً ، ولكن يمكن إعطاء ضابطة كلية وهو أنّ كلّ منفّرٍ لا يمكن لهؤلاء أن يرتكبوه ، لأنّ اللطف الالهي يقتضي تقريب الناس منهم. وكل منفر يوجب ابتعاد الناس عنهم ، وهو عكس المطلوب.
ولذا عبّروا : ( فرقٌ واضحٌ في العادة
بين الانحطاط عن رتبة ثبتت ، واستحقت وبين فوتها ). ويعنون من أنّ الصغيرة لكونها ذنباً توجب الانحطاط لمرتكبها فهو قبلها كان أعلا رتبة ، ومن أنّ ترك النافلة توجب