فوجوده لطف ، وقد ثبت ان اللطف واجب عليه تعالىٰ ، وهذا اللطف يسمىٰ إمامة ، فتكون الإمامة واجبة ، ( ولمّا كان علّة الحاجة إلىٰ الإمام عدم عصمة الخلق وجب ان يكون الإمام معصوماً ) (١).
ومن ناحية اُخرىٰ فإنّ القرآن حق كلّه وإنّه قطعي الصدور ، إلاّ انّه ظنّي الدلالة ، فلذا سيقع الاختلاف في تأويله ، وكلُّ متأول يدعي انّه علىٰ الحق وغيره ليس عليه ، فيكون ذلك سبباً للفرقة والنزاع أكثر من التأليف والاجتماع ، وهذا منافٍ للحكمة ، إذن لابدّ من وجود مبيّن لكتابه العزيز ونعبِّر عنه بالحافظ له.
ومن جانب آخر نرىٰ أن السُنّة النبوية كذلك ، بل ملئت كتب نقلها بأحاديث كاذبة ومُلفقة ، فما أدرانا ما الذي قاله صاحب الشرع وما الذي لم يقله ؟ خاصّةً أنّ هذه الفجوة تكبر وتكبر كلّما ابتعدنا عن مركز الرسالة الأول ، فبذا لابدّ من وجود مبيّن ومفسّر وكاشف عنها. ومن هنا صرّح الشيخ الصدوق قدسسره بهذا الدليل في اول كلامه إذ قال :
« إنّه لمّا كان كلّ كلام ينقل عن قائله يحتمل وجوها من التأويل ، وكان أكثر القرآن والسُنّة مما اجمعت الفرق علىٰ انّه صحيح لم يغيّر ولم يبدّل ، ولم يزد فيه ولم ينقص منه ، محتملاً لوجوه كثيرة من التأويل ، وجب أن يكون مع ذلك مخبر صادق معصوم من تعمد الكذب والغلط ، مُنبيءٌ عمّا عني الله ورسوله في الكتاب والسُنّة علىٰ حق ذلك وصدقه ، لأنّ الخلق
__________________
(١) تعليقة العلاّمة الاُستاذ الشيخ علي الأنصاري علىٰ فصول العقائد للحكيم الطوسي رضياللهعنه : ٣٥ ـ ٣٦ ط ١٣٩٣ ه.