ولا مانع لما أعطىٰ ، ولا دافع لما قدّر إلّا هو.
ولا تتجلىٰ هذه المعاني في شيء مثل تجليها في الدعاء ، فهو أفضل وسيلة إذن للتعبير عنها وامتثالها وجداناً وسلوكاً ، حاضراً ومستقبلاً ، إنّها الحالة التي تتجلىٰ فيها العبودية في أروع صورها وأتمّها ، فلا غرابة في أن تكون هي أحب حالات العبد إلىٰ الله تعالىٰ ، ففي حديث أمير المؤمنين عليهالسلام : « أحبُّ الأعمال إلىٰ الله عزَّ وجلّ في الأرض الدعاء ».
وإذا كانت الشريعة السمحة قد عُنيت بأمر من الاُمور إلىٰ هذا الحدّ ، فلابدّ أن تضع للناس آدابه وشرائطه التي بها يستكمل صورته ويؤتي أُكُلَه ، وهكذا كان شأن هذه الشريعة السمحة والمحجة البيضاء مع الدعاء ، فعرّفت الناس بآدابه ، والتي في مقدمتها الصدق والاخلاص في التوجه إلىٰ الله تعالىٰ ، والثقة به ، واليقين بأنّه سميع مجيب ، وحسن التأدّب بين يديه بأدب العبد الخاضع الذي يرجو نظرة ربه ولطفه ورحمته.. كما عرّفتهم بشروطه التي بها يكون دعاءً صحيحاً ترجىٰ من ورائه أحسن الآثار العاجلة منها والآجلة ، وبدونها سيكون لغواً كسائر ما يهذر به بعض الناس في ساعات التسامح واللامبالاة.
وهذا الكتاب الذي يقدمه مركز الرسالة لقرّائه الكرام ضمن ( سلسلة المعارف الإسلامية ) سينفتح علىٰ كلِّ هذه الآفاق بالتعريف الوافي ، ضمن السياق الروحي والتربوي الذي لا غنىٰ للإنسان عنه.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلىٰ سبيل الرشاد
مركز الرسالة