والمدائن الست ،
وهل هما يصبان في مصب واحد أم هما قضيتان في مكانين مختلفين ، وبعد ذلك وقع الكلام
في مقدار اعتبار إسنادهما ومصداقيتهما. وعلى كلّ الفروض فإنّ مثل هذه الحوادث
والكرامات تبقى محاطة بأسرار إلهيّة وبشيء من الغموض الذي شاءته السماء لها ،
وبالتالي فهي فوق قوانين الطبيعة ولو من جهة ما ، فلا ضير أن تبقى خاضعة للردّ
والقبول.
غير أنّ من جملة
الإشكالات التي طرحت حول قضيّة الجزائر أو المدائن الست أنّ عثمان بن عبد الباقي
حدّث في جمادى الثانية من سنة ٥٤٣ ه عن أحمد بن محمّد الأنباري في شهر رمضان من
هذه السنة ، وهذا لا يمكن لأنّ شهر رمضان يكون بعد شهرين من جمادي الثانية !!
لكن هذا الإشكال
مرتفع في نسختنا ؛ لأنّ العبارة فيها « عن الشيخ العالم أبي القاسم عثمان بن عبد
الباقي بن أحمد الدمشقي في سابع عشر جمادى الآخرة من سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة ،
عن الأجلّ العالم الحجّة كمال الدين أحمد بن محمّد بن يحيى الأنباري بداره بمدينة
السّلام ليلة الخميس عاشر شهر رمضان بعد الفطور في السنة المذكورة قال : كنّا عند
الوزير عون الدين يحيى به هبيرة في شهر رمضان سنة اثنين وأربعين وخمسمائة ونحن على
طبقة » .... ويعني بالسنة المذكورة هي التي ذكرها من بعد وهي سنة ٥٤٢ ه ،
فالإشكال مرتفع تماما.
ويبدوا أنّ منشأه
كان بسبب النقل بالمعنى ؛ لأنّ المنقول في غير نسختنا هو قولهم « سنة ثلاث وأربعين
وخمسمائة » بدل « بعد الفطور في السنة المذكورة » ، وقولهم « بالسنة المقدم ذكرها
» بدل « سنة اثنين وأربعين وخمسمائة ». ومن هنا تولّد
__________________