کشف الباطن وإظهار الملکات ، کما دلت عليه النصوص الشرعية ، کمضمون الروايتين التي ذکرهما الفخر الرازي وغيرها.
فالنتيجة النهائية التي انتهى إليها الغزالي في بحث المعاد الجسماني لم تکن مقبولة لدينا ؛ لأنّ اللازم لها القول بجواز التناسخ الملکي في عالم الآخرة ، وهو خلاف الدليل العقلي القائم على أساس إثبات مطلقاً ، سواء کان في عالم الآخرة ، أو عالم الدنيا ، إلا للزم القول باجتماع نفسين على بدن واحد.
والظريف أن الغزالي في الوقت الذي يلتزم فيه بتعلق النفس عندما تصل المادة إلى مرتبة استعدادها لقبول الصورة ، فهل المادة الأخروية خارج عن هذه القاعدة أم لا ؟ ولا يمکنه أن يقول بخروجها عن ذلک ؛ لانا بضابط نستطيع على أساسه أن نفرق بين التعلق في عالم الآخرة في ساعة قيام الناس لربّ العالمين عند نفخ الصور والتعلق في غيره من الأوقات ، وأما إذا قال بلا ، فعندئذ ما هو الضابط لحصر التعلق بصورة قد عاشت فترة مع بدن ما ثم فارقته ، ثم يراد لها أن تعاد مرة أخرى ، من دون أن يفيض الجوهر المجرد مفيض الصور على المادة المستعدة لتعلق نفس ما بها ، وهل هو لعجز في الفاعل بعد ثبوت إمکان القابل لذلک ، أو عدم إرادة منه لذلک ؟ مع ما في المعاد بالبدن المثلي من محاذير أخرى ، کمخالفته لصريح القرآن الکريم القائل بثبوت العينية بين البدنين ، هذا ما لم نجد له جواب عند الغزالي ، غير أنّه قال کما مرّ قبل قليل : إنّ الشرع جوّز ذلک ، ونحن لا نرى أنّ الشرع يجوّز ما أقام العقل والدليل على بطلانه ، بناء على نظرية التطابق بين الشرع والعقل في حدوده ودائرته.
رابعاً : فيما يتعلق بنتائج البحث في الفصل الرابع الذي تناولنا فيه البحث عن مسألة المعاد الجسماني من وجهة نظر الخواجة نصير الدين الطوسي ، وهو أول شخصية دينية شيعية حاولت الجمع بين الکلام والفلسفة ، ولکنه في بحثه لمسألة إثبات ضرورته ، وإمکانه التي اعتمد فيها على أساس المنهج والأسلوب الکلامي ، في الوقت الذي يذهب فيه إلى القول بتجرد النفس الإنسانية وعدم فسادها بفساد