تقريره : أنه لو أعيد المعدوم لصدق المتقابلان على الشيء الواحد دفعة واحدة ، والتالي باطل فالمقدم مثله ، بأن الشرطية أنه لو أعيد لأعيد مع جميع مشخصاته ، ومن بعض مشخصات الزمان ، فيلزم جواز الإعادة على الزمان ، فيکون المبتدأ معاداً ، وهو محال ، لأنهما متقابلان لا يمکن صدقهما على ذات واحدة.
وبعد ذکر هذه الأدلة لا يصح أن نحمل تردده في باب المعاد على إرادة جواز إعادة المعدوم ، کل ما يمکننا أن نقوله فيه : أنه أراد بذلک عدم مخالفة مشهور المتکلمين في المسألة التي يرون من لوازم القول بها الالتزام بجواز إعادة المعدوم ، هذا بحسب الظاهر ، وإن کان في الواقع هو غير ذاهب إلى ذلک کما مر علينا من ذکر أدلته ، بل قد يکون قوله في المسألة : ( ويتأول في المکلف بالتفريق کما في قصة إبراهيم ) ، (١) فقد تأول المصنف في المکلف بحمل إعدامه على تفريق أجزائه ، وأما غير المکلف فيجوز إعدامه ولا يجب إعادته ، ولذلک قال : ( و السمع دل عليه ، وهو قوله تعالى : ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ) ، (٢) وقوله : ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ) ، (٣) يدل على أن مراده من الإعدام بمعنى التفريق ، قوله بعد ذلک : وإثبات الفناء غير معقول ) ، (٤) وإلاّ فلا يتناسب مع ما ذهب إليه سابقاً من استحالة إعادة المعدوم ، فتأمل !
وقد بين لنا ملا صدرا المسألة بشکل واضح وصريح حيث قال : ( ... التحقيق عندنا أن ما وجد من الأشياء فلا يمکن انعدامه بالحقيقة ، وإلاّ فليلزم أن يکوم مما خرج وزال وغاب عن علم الله تعالى ، وقال تعالى : ( وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ * قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ المَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ) (٥). (٦)
ــــــــــــــــ
١. کشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ، تحقيق السبحاني ، قسم الإلهيات ، ص ٢٤٩.
٢. القصص ، ٨٨.
٣. الرحمن ، ٢٦.
٤. کشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ، قسم الإلهيات ، ص ٢٥٠.
٥. السجدة ، ١٠ ، ١١.