أنّها نزلت في الرجعة (١) ، ولا يخفىٰ أنّها لا تستقيم في إنكار البعث ، لأنّهم ما كانوا يقسمون بالله بل كانوا يقسمون باللات والعزىٰ ، ولأنّ التبيين إنّما يكون في الدنيا لا في الآخرة (٢).
خامساً : قوله تعالىٰ : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (٣).
قال ابن شهرآشوب : ( هذه الآية تدلُّ علىٰ أنَّ بين رجعة الآخرة والموت حياة أُخرىٰ ، ولا ينكر ذلك لأنّه قد جرىٰ مثله في الزمن الأول ، قوله في قصة بني إسرائيل : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ ) ، وقوله في قصة عزير أو أرميا : ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ ) ، وقوله في قصة إبراهيم : ( رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ) ) (٤).
وقال الشيخ الحر العاملي : وجه الاستدلال بهذه الآية أنّه أثبت الإحياء مرتين ، ثم قال بعدها ( ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) والمراد به القيامة قطعاً ، والعطف ـ خصوصاً بثمّ ـ ظاهر في المغايرة ، فالإحياء الثاني إما في الرجعة أو نظير لها ، وبالجملة ففيها دلالة علىٰ وقوع الإحياء قبل القيامة (٥).
سادساً : قوله تعالىٰ : ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ
__________________
(١) الكافي ٨ : ٥٠ / ١٤. وتفسير القمي ١ : ٣٨٥. وتفسير العياشي ٢ : ٢٥٩ / ٢٦. والاعتقادات ، للصدوق : ٦٢.
(٢) الايقاظ من الهجعة ، للعاملي : ٧٦.
(٣) سورة البقرة ٢ : ٢٨.
(٤) متشابه القرآن ٢ : ٩٧. والآيات من سورة البقرة ٢ : ٢٤٣ ، ٢٥٩ ، ٢٦٠ علىٰ التوالي.
(٥) الايقاظ من الهجعة ، للحر العاملي : ٨٤.