وأن ألطف ما رأيت له عليهالسلام من المواقف الطيبة الكريمة ما أخرجه
رجال الحديث من الفريقين وقد ذكره من إخواننا رجال أهل السنة ، أسعد بن إبراهيم
الاربلي المالكي باسناده عن عمار بن ياسر وزيد بن أرقم ، قالا :
كنا بين يدي أمير المؤمنين «ع» وإذا
بزعقة عظيمة ، وكان على دكة القضاء فقال «ع» : يا عمار أئت بمن على الباب ، قال
فخرجت وإذا على الباب إمرأة في قبة على جمل وهي تشتكي وتصيح ياغياث المستغيثين
اليك توجهت ، وبوليك توسلت فبيض وجهي وفرج عني كربتي. قال عمار وكان حولها ألف
فارس بسيوف مسلولة وقوم لها وقوم عليها. فقلت أجيبوا أميرالمؤمنين «ع» فنزلت
المرأة ودخل القوم معها المسجد ، واجتمع أهل الكوفة فقام أميرالمؤمنين «ع» وقال : سلوني
ما بدا لكم يا أهل الشام ، فنهض من بينهم رجل شيخ وقال : يا مولاي هذه الجارية
إبنتي وقد خطبها ملوك العرب ، وقد نكست رأسي بين عشيرتي لأنها عانق حامل فاكشف هذه
الغمة.
فقال أميرالمؤنين «ع» ما تقولين يا جارية
؟ قالت يا مولاي : أما قوله أني عانق فقد صدق. وأما قوله أني حامل فوحقك يا مولاي
ما علمت من نفسي خيانة قط فصعد المنبر وقال : عليّ بداية الكوفة. فجاءت أمرأة تسمى
( لبناء ) وهي قابلة أهل الكوفة ، فقال لها اضربي بينك وبين الناس حجاباً وانظري
هذه الجارية أعانق حامل أم لا ؟ ففعلت ما أمرها عليهالسلام
ثم خرجت وقالت : نعم يا مولاي هي عانق حامل. فقال «ع» : من منكم يقدر على قطعة ثلج
في هذه الساعة ؟ فقال أبو الجارية الثلج في بلادنا كثير ولكن لا نقدر عليه ههنا ، قال
عمار : فمد يده من أعلا منبره وردها وإذا فيها قطعة من الثلج يقطر الماء منها ثم
قال : يا داية خذي هذه القطعة مما يلي الفرج فسترين علقة وزنها سبعمائة وخمسون
درهماً ففعلت ورجعت الجارية والعلقة اليه. وكانت كما قال «ع» ثم قال لأبي الجارية
خذ إبنتك فوالله ما زنت ولكن دخلت الموضع الذي فيه الماء فدخلت هذه العلقة في
جوفها وهي بنت عشر