المادية للزم الإشكال.
ولكنه ـ كما مرّ ـ فرضية محضة تدفعها الروايات الكثيرة الدالّة على سبق خلقة الأرواح على الأجساد ، والروايات الدالة على أنّ جميع المخلوقات مخلوقة من مادّة واحدة مسمّاة بالماء ، وقول الرضا صلوات الله عليه الدالّ على اختلاف المخلوقات بالأعراض والحدود المختلفة الظاهر في الحدّ بمعناه اللغوي لا الاصطلاحي في مقابل الرسم ، فيدل على أنّ الصور النوعية عرضية لا جوهرية ، كما تشهد عليه الآيات الدالّة على مسخ بعض الامم السابقة بالقردة والخنازير ، وصيرورة النار بردا وسلاما على إبراهيم ، وكذلك الآيات والروايات الواردة في معجزات الرسول الأكرم والأئمّة عليهمالسلام ، منها صيرورة الصورة المحضة أسدا ، وصيرورة الملك الذي لقّم الميثاق الحجر الأسود ، وصيرورة بعض خلفاء بني مروان بصورة الوزغة ، وغير ذلك من الروايات المتواترة بالتواتر الإجمالي.
وقد حرّر في محله أنّ الأدلّة التي استدل بها على تجرد الروح عن المادة وعوارضها ، وعلى جوهرية الصور النوعية كلّها مدخولة.
ومحصل الكلام أنّ كيفية بدء خلق الإنسان مما ليس للعقل إليه سبيل ، ولا يمكن استكشافها مما نرى في هذه النشأة من انعقاد النطفة فيها ، هل هي مبدأ خلق الإنسان ، أو له خلق سابق وحالات سابقة على هذه النشأة وهذه النطفة ، فروحه الذي هو حقيقته كان مخلوقا قبل جسده ، وأصل جسده الذي كان محفوظا مشخصا في جميع حالاته كان مخلوقا قبل النطفة ، ولا يمكن للإنسان مع عجزه المشهود القول القاطع فيه ، بل الطريق منحصر في إخبار الخالق عزّ وجلّ وحملة وحيه. وقد مرّ جملة منه.
فتحصّل ممّا ذكرنا أنّه لا مانع عقلا من سبق عالم الذرّ ، وسبق خلقة الأرواح على الأجساد. فمع ورود رواية عن أهل البيت عليهمالسلام على ثبوته لا يجوز للعالم الملتزم بمكتب الوحي ردّه ، فكيف بما إذا قامت الروايات المتواترة معنى أو إجمالا ، مع صحة السند ووضوح الدلالة المؤيّدة بالآية المباركة.
وأما الثاني ، أي الإشكال على مقام الإثبات والاستدلال :