قال جابر رضوان الله عليه : فأتينا زين العابدين عليهالسلام بأجمعنا وهو يصلّي فانتظرنا حتّى انفتل وأقبل علينا ، ثم قال لابنه سرّا : « يا محمّد ، كدت أن تهلك الناس جميعا » ، قال جابر : قلت : والله يا سيّدي ، ما شعرت بتحريكه حين حرّكه ، فقال عليهالسلام : « يا جابر ، لو شعرت بتحريكه ما بقي عليها نافخ نار ، فما خبر الناس؟ » فأخبرناه فقال : « ذلك ممّا استحلّوا منّا محارم الله وانتهكوا من حرمتنا » ، فقلت : يا ابن رسول الله ، إنّ سلطانهم بالباب قد سألنا أن نسألك أن تحضر المسجد حتّى تجتمع الناس إليك يدعون الله ويتضرّعون إليه ويسألونه الإقالة ، فتبسّم عليهالسلام ثم تلا : ( أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ ) (١) ، قلت : يا سيّدي ومولاي ، العجب أنّهم لا يدرون من أين أتوا ، فقال عليهالسلام : « أجل » ، ثمّ تلا : ( فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ ) (٢) « هي والله يا جابر ، آياتنا » الحديث (٣).
وقد روي أنّه عليهالسلام وضع يده على الأرض فقال لها : اسكني ، فسكنت (٤).
ومنها : ما روي عن النعمان بن بشير قال : كنت مزاملا لجابر بن يزيد الجعفي ، فلمّا أن كنّا بالمدينة دخل على أبي جعفر عليهالسلام فودّعه وخرج من عنده وهو مسرور ، حتّى وردنا الأخيرجة ـ أوّل منزل تعدل من فيد إلى المدينة ـ يوم جمعة فصلّينا الزوال ، فلمّا نهض بنا البعير إذا أنا برجل طوال آدم معه كتاب فناوله فقبّله ووضعه على عينيه ، وإذا هو : من محمّد بن عليّ إلى جابر بن يزيد وعليه طين أسود رطب ، فقال له : متى عهدك لسيّدي؟ فقال : الساعة ، فقال له : قبل الصلاة أو بعدها؟ فقال : بعد الصلاة ، قال : ففكّ الخاتم وأقبل يقرأه ويقبض وجهه حتّى أتى على آخره ، ثمّ أمسك
__________________
(١) غافر (٤٠) : ٥٠.
(٢) الأعراف (٧) : ٥١.
(٣) « بحار الأنوار » ٤٦ : ٢٧٤ ـ ٢٧٩ ، ح ٨٠ ، نقلا عن « عيون المعجزات » ٧٤ ـ ٧٩.
(٤) المصدر السابق ٤١ : ٢٥٤ ، ح ١٤. والحادثة وقعت في زمن أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام.