مدارج الحياة الا تحت ضوابط وأصول تكون منهاجاً له يسير
على ضوئها .
ولذا نرى المجتمعات كلها ـ بلا استثناءِ مجتمع منها ـ لا تشذ
عن وضع قوانين وآداب تحترمها وتفرض على نفسها الالتزام بها وجعلها نصب العين في كل تصرفاتها . وحتى الماركسية التي تناهض بشدة الاصول الاخلاقية وتصر على نبذها والتخلي عنها وتراها حجر عثرة في طريق التقدم ، تلتزم ان شاءت أو أبت بأسس وآداب أخلاقية تبثها في تعاليمها الاقتصادية والاجتماعية .
طبعاً ، تختلف البيئات والمجتمعات والمدارس الفلسفية في آدابها
وأسسها الاخلاقية حسب تكونها ونشأتها وتدرجها في مدارج الكمال أو نظرتها الى الكون والانسان والحياة .
* * *
والاسلام ـ الذي هو دستور الله الاقوم للانسانية ـ اهتم
اهتماماً بالغاً بالاخلاق وأقام لها دعائم مركزة في كل مرافق البشر الاعتقادية والاجتماعية والاقتصادية
وغيرها .
فالقرآن الكريم جل آياته تتحدث بصراحة عن خلق المسلم وما يلزم
عليه في سلوكه ، والاحاديث الشريفة كثير منها توجهه الى تقويم أفكاره وتعديل تصرفاته في دينه ونفسه
وأهله ومجتمعه و و . . .
ان أبرز صفة للنبي صلى الله عليه وآله يذكرها الله تعالى في
قرآنه الكريم بالعظمة هي الخلق النبوي حيث يقول عز شأنه «
» ، كما أن النبي
نفسه
يعلل بعثته الى الخلق رسولا بتميم الاخلاق حيث يقول عليه الصلاة والسلام « بعثت
لاتمم
مكارم الاخلاق » .
ونرى ان الاسلام في اكثر نظمه الاخلاقية يسعى في أن يوجد
ترابطاً كاملا بين الفرد وسائر أعضاء المجتمع ، فيدعوه الى البذل والسخاء ونبذ العداء وصدق اللهجة والوفاءِ بالوعد وتعظيم الاباء وصلة الارحام والاقارب وتجليل ذوي المراتب العلمية وقول الحق وحسن الظن بالاخرين وتقدير ذوي المواهب والكف عن الاذى