عندهم هو الواجب مع المعدّ ، ومجموع المركّب من الواجب والممكن ممكن ، فالعلل التامّة لجميع الحوادث غير المتناهية ممكنات ، فكما لا ينفع التزام التسلسل في مسألة إثبات الواجب ، لا ينفع التزامه هنا أيضا ؛ إذ الأدلّة الدالّة على إثبات الواجب بدون التمسّك بإبطال التسلسل تجري هنا بأدنى التفات.
الثاني : أن نقول : على تقدير تسلسل الحوادث على سبيل التعاقب يلزم أن يتقدّم على كلّ حادث من الحوادث على سبيل الاستغراق عدم أزليّ لحادث حادث ، فالحادث الأوّل والثاني يجتمعان في العدم ؛ إذ يوجد في الواقع مرتبة من المراتب كانا معدومين فيها ، واجتمع معهما عدم الحادث الثالث ؛ ضرورة أنّ عدم كلّ حادث أزلي ، وأنّ عدم الحادث المتأخّر وإن كان أطول امتدادا من [ عدم ] الحادث المتقدّم إلاّ أنّ الكلّ متحقّق في ظرف الزمان ؛ إذ طبيعة الزمان أزليّة عندهم ، والأعدام كلّها أزليّة ، فلا بدّ من اجتماعها قطعا في زمان ما.
ويجتمع مع هذه الأعدام الثلاثة عدم الحادث الرابع ، وكذا على ترتيب الآحاد على التوالي فإمّا أن يستغرق هذا الاجتماع أعدام جميع الآحاد ، فيكون جميع الحوادث معدوما في مرتبة ما من المراتب الواقعيّة ، فتأخّر تلك الحوادث عن تلك المرتبة الواقعيّة ، ويكون الجميع معدوما في تلك المرتبة ، فيكون لها مبدأ وانقطاع وهو المطلوب. وإن لم يستغرق فينتهي إلى حادث معيّن لا يجتمع عدمه مع عدم ما قبله من الحوادث ، إمّا لأنّ هذا الحادث لا يسبقه عدمه ، فيكون قديما بالشخص ، وإمّا لأنّ الحادث الذي قبله لا يسبقه عدم أزليّ ، فيكون ذلك قديما ؛ ضرورة أنّه لو تقدّمهما عدم أزليّ ، يجب اجتماعهما مع ما تأخّر عنهما ، فتنقطع سلسلة الحوادث على أيّ تقدير.
لا يقال : كلّ جملة متناهية يجتمع في العدم ويتحقّق عدم سابق على الجميع ، وأمّا جملة الحوادث غير المتناهية ، فلا.
لأنّا نقول : قد بيّنّا أنّ هذا الحكم مستغرق لجميع الآحاد على التوالي ، وقد مرّ في