لنفسه أو عدمه له ، كمن نجّى من ألقي في النار ، أو خلّص المظلوم مثلا لمجرّد نفعه ، لا نفع نفسه ، بل مع عدم النفع له أصلا.
وأيضا إذا جاز الفعل بلا غرض جاز لغرض عائد إلى الغير بطريق أولى.
وقد يقال : إنّ ذات الواجب مرجّح لا الأولويّة ؛ لأنّه فيّاض مقتضى ذاته إفاضة الفيض.
نعم ، لو كان الفعل الصادر منه تعالى غير نافع للغير ، يلزم الترجيح بلا مرجّح ؛ لأنّ ذاته ليس مقتضيا للفعل مطلقا ، بل ما ينفع الغير ، فلا مرجّح لما لا ينفعه فتكون ذاته محرّكا له في الفعل.
ولهذا يقال : إنّ ذاته علّة فاعليّة وغائيّة ؛ لأنّ العلّة الغائيّة ما كان محرّكا للفاعل على الفعل ، فإطلاق الغرض على الحكم والمصالح يكون من باب التشبيه ، بمعنى أنّها لو كانت في أفعالنا ، لكانت أغراضا ولو كانت نافعة للغير ؛ لأنّ إيصالنا النفع إلى غيرنا كمال لنا ، فيكون غرضا ، ولمّا لم يمكن حصول الكمال للواجب ، لا يكون غرضا ، بل شبيها به ، فظهر من هذا حسم مادّة شبهة الأشاعرة الموجبة لهم للقول بكون أفعاله تعالى غير معلّلة بالأغراض ، لا ممّا يقال : من أنّ مجرّد إيصال النفع إلى الغير ـ من غير أن يكون أولى بالنظر إلى الفاعل ـ يصحّ أن يكون مرجّحا ؛ لأنّ الإيصال واللاإيصال إذا تساويا بالنظر إلى الفاعل ، لا يمكن صدور الإيصال منه بلا رجحان ، والأولويّة إلى الغير لا يصحّ أن تكون مرجّحة لأحد المتساويين بالنظر إلى الفاعل ، ولهذا قال الحكماء ـ على ما حكي عنهم ـ : إنّه تعالى ليس فاعلها بالقصد ؛ لاقتضائه الأولويّة بالنظر إلى الفاعل المقتضية للاستكمال ، بل فاعل بالرضا.
ولعلّ مرادهم أنّ المقصود بالذات في فعله تعالى ذاته لا ما يشتمل عليه فعله كإيصال النفع إلى الغير. وأمّا الرضا بالذات ، فلا يلزم أن يتعلّق بالأولى ، بل يجوز أن يتعلّق بأحد المتساويين ، فلا يلزم كون المرضيّ راجحا بالنظر إلى الراضي ، بل يكفي رجحانه في نفس الأمر في الصدور ، فالفاعل بالرضا من كان ذاته مقتضيا للفعل