وأثنى عليه وقال : « أيّها الناس قد بلغتنا مقالة ابن الزبير ، وقد كان والله يتجنّى على عثمان الذنوب ، وقد ضيّق عليه البلاد حتى قتل ، وإنّ طلحة راكز رايته على بيت ماله وهو حيّ ، وأمّا قوله إنّ عليّاً ابتزّ الناس أمرهم فإنّ أعظم حجّة لأبيه زعم أنه بايعه بيده ولم يبايعه بقلبه فقد أقرّ بالبيعة وادّعى الوليجة فليأتي على ما ادّعاه ببرهان ، وأنّى له ذلك ، وأمّا تعجّبه من تورد أهل الكوفة على أهل البصرة فما أعجبه من أهل حق توردوا على أهل باطل ، ولعمري والله ليعلمنّ أهل البصرة وميعاد بيننا وبينهم اليوم نحاكمهم إلى الله تعالى فيقضي الله الحقّ وهو خير الفاصلين » (١). وحينما اشتدّ القتال وكثر القتلى من الطرفين ، دعا الإمام علي عليهالسلام محمد ابن الحنفية فأعطاه رمحه ، وقال له : « اقصد بهذا الرمح قصد الجمل » فذهب فمنعه بنو ضبّة ، فلمّا رجع إلى والده ، انتزع الحسن رمحه من يده ، وقصد الجمل وطعنه برمحه ، ورجع إلى والده وعلى رمحه أثر الدم (٢). وبعد مقتل الجمل الذي عليه عائشة انهزم الناس (٣). فقد كان دور الإمام الحسن عليهالسلام هو دور المدافع باللسان والسنان معاً ، فقد ردّ على خطاب ابن الزبير ، وحسم المعركة بقتل الجمل.
الإمام الحسن عليهالسلام في معركة صفّين :
قبل بدء المعركة أدرك معاوية الدور الكبير للإمام الحسن عليهالسلام لأهليّته للإمامة والخلافة في حال غياب الإمام علي عليهالسلام ، فأراد أن يمنّيه بالخلافة لعلّه يتراجع عن المعركة أو يخلق الاضطراب في جيش الإمام فبعث عبيدالله بن عمر إلى الحسن عليهالسلام فقال : « إنّ لي إليك حاجة فالقني » ، فلقيه الحسن فقال له عبيدالله : « إنّ أباك قد وتر قريشا أوّلاً وآخراً ، وقد شنئوه فهل لك أن تخلفه ونولّيك هذا الأمر ؟ ». قال : « كلاّ والله لا يكون ذلك ، لكأني أنظر إليك مقتولاً في يومك أو
__________________
(١) الجمل / الشيخ المفيد : ١٧٥.
(٢) مناقب آل أبي طالب ٤ : ٢٥.
(٣) الإمامة والسياسة ١ : ٧٧.