الصواب ، فذكرها والنقض على بعضها وإبرام بعضها الآخر لا فائدة فيها إلاّ تطويل المقام.
الصورة الثانية : أن يكون خرابه سببا لقلّة الانتفاع به ، كما إذا خرب دكّان أو خان ، وكان نفعهما حين ما كانا دكّانا وخانا كثيرا ، لأنّهم كانوا يستأجرونهما لمحلّ كسبهم وتجارتهم ، ولكن بعد خرابها وصيرورتها عرصتين وإن كانوا يستأجرونهما بمقدار قليل لبعض الحوائج ، ولكن بالنسبة إلى النفع الأوّل في حكم العدم ، فالمشهور ذهبوا إلى عدم جواز بيعه ، لأنّ إبقاءه ليس بلا فائدة ، غاية الأمر قليلة ولو كان قلّة المنفعة كانت سببا لجواز البيع ، فإذا كان الدكّان أو الخان في سوق كثير المارّة مزدحمة بالناس ، ثمَّ اتّفق أن صار ذلك السوق قليل المارّة بواسطة وجود الشوارع والأسواق المعمورة في ذلك البلد وإقبال الناس عليها ، فيقلّ طلاّب ذلك الدكّان أو ذلك الخان ، وربما يبلغ في القلّة ونزول غلّته إلى عشر ما كان في الأوّل ، فهل ترضى من نفسك أن تقول بجواز بيع مثل ذلك الدكّان والخان؟!
فالإنصاف : أنّ ما ذهب المشهور إليه من عدم جواز بيعه في هذه الصورة جيّد ولا بأس به. نعم لو قلّت منفعته بمقدار لا يعدّه العرف ذا منفعة ، بل يرونه عادم المنفعة ، فالظاهر إلحاقه بالصورة الأولى ، لأنّ الوقفيّة أيضا اعتبار من اعتبارات الشرع ، بل هو أيضا مثل الملكيّة من الاعتبارات العرفيّة التي أمضاها الشارع ، وليس من مخترعاته ، فإذا كان نفعه قليلا بحيث يرى العرف حبسه وتسبيل منفعته لغوا ، فلا تشمله أدلّة المنع عن بيع الوقف.
اللهمّ إلاّ أن يقال بجريان استصحاب عدم جواز البيع قبل أن تقلّ منفعته إلى ذلك الحدّ ، وذلك أيضا فيما إذا حصل الشك.
وأمّا إذا كان اعتبار الوقف لغوا في مثل هذا المال الذي بنظرهم يكون مسلوب المنفعة ـ وإن كان له منفعة قليلة ـ فلا يأتي شكّ كي يستصحب المنع.