والنظر الذي هو ملزوم الظنّ ويكون الظنّ حاصله يسمّى أمارة.
وقد يقال الدليل على الأعمّ.
وقد يقال على معنى أخصّ من المذكور ، وهو الاستدلال بالمعلول على العلّة.
قال : ( وبسائطه عقليّة ومركّبة ؛ لاستحالة الدور ).
أقول : المراد أنّ بسائط النظر وما يتألّف منه ملزوم العلم ، والظنّ يعني مقدّماته ؛ فإنّ الدليل لمّا كان مركّبا من مقدّمتين ، كانت كلّ واحدة من تينك المقدّمتين جزءا بسيطا بالنسبة إلى الدليل وإن كانت مركّبة في نفس الأمر.
وبالجملة ، فالمقدّمتان قد تكونان من الأمور التي هي عقليّة محضة ، كقولنا : « العالم ممكن ، وكلّ ممكن له مؤثّر ». وقد تكونان من الأمور التي هي مركّبة من العقلي والسمعي ، كقولنا : « الوضوء عمل ، كلّ عمل مشروط بالنيّة » لقوله صلىاللهعليهوآله : « لا عمل إلاّ بالنيّة » (١) ولا يكون التركّب من السمعيّات المحضة وإلاّ لزم الدور ؛ لأنّ السمعي المحض ليس بحجّة إلاّ بعد معرفة صدق الرسول.
وهذه المقدّمة لو استفيدت بالسمع دار ، بل هي عقليّة محضة ، فإذن إحدى مقدّمات النقليّات كلّها عقليّة.
والضابط في ذلك أنّ كلّ ما يتوقّف عليه صدق الرسول لا يجوز إثباته بالنقل ، وكلّ ما يتساوى طرفاه بالنسبة إلى العقل لا يجوز إثباته بالعقل ، وما عدا هذين يجوز إثباته بهما.
قال : ( وقد يفيد اللفظي القطع ).
أقول : المحكيّ عن المعتزلة وجمهور الأشاعرة (٢) أنّ الأدلّة اللفظيّة لا تفيد العلم
__________________
(١) « الكافي » ٢ : ٨٤ / ٦١ من باب النيّة ؛ « الأمالي » للشيخ الطوسي : ٥٩٠ / ١٢٢٣ ؛ « الخصال » ١ : ١٨ / ٦٢ ؛ « عوالي اللآلئ » ٢ : ١٩٠ / ٨٠ ؛ « وسائل الشيعة » ١ : ٤٦ / ٩ الباب ٥ من أبواب مقدّمة العبادات.
(٢) حكى ذلك عنهم الشريف الجرجاني في « شرح المواقف » ٢ : ٥١ والقوشجي في « شرح تجريد العقائد » : ٢٦٩.