وأمّا الصورة الرابعة ، أي فيما إذا وقع الإثم في الخارج من شخص ، وأوجد شخص آخر بعض مقدّمات ذلك الإثم الذي يتوقّف وجود ذلك الإثم عليه ولكن بدون قصد ترتّب ذلك الإثم عليه ، فصار محلّ الخلاف بين الأعلام والفقهاء المحقّقين.
فبعضهم قال بعدم صدق الإعانة مع عدم القصد ، ومنهم الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره (١) والبعض الآخر قالوا بصدقها ولو لم يقصد ، وفصّل جماعة ـ وهو الحقّ ـ بين ما إذا كانت تلك المقدّمة بعد إرادة الآثم لذلك الإثم وعزمه على ذلك الفعل ولكن يتوقّف إيجاده على تلك المقدمة ، كما إذا عزم على ضرب شخص وأراده ولكن يتوقّف وقوع الضرب في الخارج على وصول عصاء بيده ، فأعطاه العصا بيده في هذه الحالة مع علم المعطي بإرادته ، يكون إعانة على ذلك الإثم ولو لم يقصد ترتّب الضرب على ذلك الإعطاء ، بل يتمنّى ويرجى أن يندم ولا يضرب ، وإنّما كان إعطاءه العصا الفرض عقلائي أو سفهي آخر.
وبعبارة أخرى : فرق بين أن تكون تلك المقدّمة التي يوجدها المعين قبل إرادة الآثم لذلك الفعل المحرم ـ تكون من مبادي الإرادة عليها ـ وبين أن تكون بعد تحقّق إرادة الآثم وعزمه على الفعل المحرّم وتكون بمنزلة الجزء الأخير من العلّة التامّة لذلك الفعل المحرم.
ففي الصورة الأولى لا تكون إعانة على الإثم لا مع قصد ترتّب ذلك الحرام والإثم.
وذكرنا أنّ لعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غارسها لا بدّ وأن يحمل على صورة قصد الغارس ترتّب صنع الخمر على غرسه هذا.
وأمّا في الصورة الثانية فهي إعانة ، قصد أو لم يقصد ؛ لأنّه يعلم أنّ بفعله يصدر الحرام عن ذلك الغير ، إذ هو بمنزلة الجزء الأخير من العلّة التامّة ، لأنّه ليس لوقوع
__________________
(١) « المكاسب » ص ١٧.