الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) ١.
ثم أن المأمون برَّ برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في عترته ، ووصل أرحام أهل بيته ، فرد ألفتهم ، وجمع فرقتهم ، ورأب صدعهم ، ورتق فتقهم وأذهب الله به الضغائن والأحن بينهم ، واسكن التناصر ، والتواصل والمودة ، والمحبة قلوبهم ، فاصبحت بيمنه وحفظه ، وبركته ، وبره وصلته أيديهم واحدة ، وكلمتهم جامعة ، وأهواؤهم متفقة ، ورعى الحقوق لأهلها ، ووضع المواريث مواضعها ، وكافأ إحسان المحسنين ، وحفظ بلاء المبتلين ، وقرب وباعد على الدين ، ثم اختص بالتفضيل ، والتقديم والتشريف من قدمته مساعيه ، فكان ذلك ذا الرياستين فضل بن سهل ، إذ رآه له موازراً ، وبحقه قائماً ، وبحجته ناطقاً ، ولنقبائه نقيبا ، ولخيوله قائداً ، ولحروبه مدبراً ولرعيته سائساً ، وإليه داعيا ، ولمن أجاب الى طاعته مكافياً ، ولمن عدل عنها منابذاً ، وبنصرته متفرداً ، ولمرضى القلوب والنيات مداويا ، لم ينهه عن ذلك قلة مال ولا عواز رجال ولم يمل به الطمع ، ولم يلفته عن نيته وبصيرته وجل ، بل عندما يهول المهولون ، ويرعد ويبرق له المبرقون والمرعدون وكثرة المخالفين والمعاندين ، من المجاهدين والمختالين أثبت ما يكون عزيمة ، وأجرأ جنانا ، وانفذ مكيدة ، واحسن تدبيراً ، واقوى في تثبيت حق المأمون ، والدعاء إليه حتى غصم انياب الضلالة ، وفلّ حدّهم ، وقلم أظفارهم ، وحصد شوكتهم ، وصرعهم مصارع الملحدين في دينهم ، والناكثين
__________________
١. سورة الاحزاب : آية ٣٣.