فقال أبو المويهب : إيّاه والله أردت.
فقالا : والله ما في قريش خمل ذكرا منه ، إنّما يسمّونه يتيم قريش وهو أجير لا مرأة منّا يقال لها خديجة ، فما حاجتك إليه؟
فأخذ يحرّك رأسه ويقول : هو هو. فقال لهما : تدلاّني عليه؟
فقالا : تركناه في سوق بصرى.
فبينما هم في الكلام إذ طلع عليهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : هو هذا ، فخلا به ساعة يناجيه ويكلّمه ، ثمّ أخذ يقبّل بين عينيه ، وأخرج شيئا من كمّه لا ندري ما هو ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يأبى أن يقبله.
فلمّا فارقه قال لنا : تسمعان منّي ، هذا والله نبيّ هذا الزمان ، سيخرج عن قريب يدعو الناس الى شهادة أن لا إله إلاّ الله ، فإذا رأيتم ذلك فاتّبعوه.
ثمّ قال : هل له ولد لعمّه أبي طالب ولد يقال له علي؟ فقلنا : لا.
فقال : أما أن يكون قد ولد أو يولد في سنته هو أوّل من يؤمن به ، نعرفه وإنّا لنجد صفته عندنا بالوصيّة كما نجد صفة محمّد بالنبوّة ، وأنّه سيّد العرب وربّانيها وذو قرنيها ، يعطي السيف حقّه ، اسمه في الملأ الأعلى علي ، هو أعلى الأنبياء يوم القيامة بعد الأنبياء ذكرا ، وتسمّيه الملائكة « البطل الأزهر المفلح » لا يتوجّه الى وجه إلاّ أفلح وظفر ، والله لهو أعرف من بين أصحابه في السماوات من الشمس الطالعة (١).
عن عبد الله بن محمّد ، قال : حدّثني أبي ، عن أحمد بن عبد الله الزرقي ، عن نساف ، عن إبراهيم بن عمرو الأسدي قال : سمعنا ابن عبّاس يحدّث عن أبيه العبّاس بن عبد المطّلب وهو يحكي عن أبي طالب قال : قال أبو طالب : يا عبّاس ألا اخبرك عن محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بما رأيت منه. قلت : بلى.
قال : إنّي ضممته إليّ فلم افارقه في ليل ولا نهار ، وكنت انوّمه في فراشي
__________________
(١) كمال الدين وتمام النعمة : ج ١ ص ١٩٠ ح ٣٧.