فقال : بسبعين دينارا. فأخرجت الصرّة إليه.
فقال النخّاس : لا إله إلاّ الله ، رأيت البارحة في النوم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد ابتاع منّي هذه الجارية بهذه الصرّة بعينها.
فتسلّمت الجارية وصرت بها إلى أبي جعفر عليهالسلام. فسألها عن اسمها.
فقالت : حميدة. فقال : حميدة في الدنيا ، محمودة في الآخرة. ثمّ سألها عن خبرها. فعرّفته أنّها بكر. فقال لها : أنّى يكون ذلك وأنت جارية كبيرة؟ فقالت : كان مولاي إذا أراد أن يقرب منّي أتاه رجل في صورة حسنة فمنعه أن يصل إليّ.
فدفعها أبو جعفر عليهالسلام إلى أبي عبد الله الصادق عليهالسلام وقال : حميدة سيّدة الإماء ، مصفّاة من الأرجاس كسبيكة الذهب ، ما زالت الأملاك تحرسها حتّى ادنيت إلى كرامة الله عزّ وجلّ (١).
وبابه : محمّد بن الفضل (٢).
وقال أبو بصير : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام في السنة التي ولد فيها موسى بن جعفر عليهماالسلام بالأبواء ، فبينا نحن نأكل معه إذ أتاه الرسول أنّ حميدة قد أخذها الطلق ، فقام فرحا مسرورا ومضى ، فلم يلبث أن عاد إلينا حاسرا عن ذراعيه ضاحكا مستبشرا ، فقلنا : أضحك الله سنّك وأقرّ عينك ما فعلت حميدة؟ قال : وهب الله لي غلاما وهو خير أهل زمانه ، ولقد خبّرتني امّه عنه بما كنت أعلم به منها.
فقلت : جعلت فداك فما الذي خبّرتك به؟ فقال : ذكرت أنّه لمّا خرج من أحشائها ووقع إلى الأرض رأته رافعا رأسه إلى السماء قد اتّقى الأرض بيده يشهد أن لا إله إلاّ الله ، فقلت لها : ذلك امارة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمارة الأئمة من بعده. قال أبو بصير : فقلت : جعلت فداك وما الأمارة؟ فقال : العلامة يا با بصير ، أنّه لما كان في الليلة التي علق فيها أتاني آت بكأس فيه شربة من الماء أبيض من اللبن وأحلى من العسل وأبرد من الثلج فسقانيه فشربته ، وأمرني بالجماع فرحا مسرورا وكذلك
__________________
(١) دلائل الإمامة : ص ١٤٨ ـ ١٤٩ ، وفيه : « اذنت » بدل « ادنيت ».
(٢) دلائل الإمامة : ص ١٤٩.