بذلك. فقال أكثر الناس : قبلنا ورضينا وسمعنا وأطعنا. فاختار أهل الشام عمرو بن العاص ، واختار الأشعث ومن رأى رأيه أبا موسى الأشعري.
فقال لهم عليّ عليهالسلام : إذ قد عصيتموني في أوّل هذا الأمر فلا تعصوني الآن ، إنّي لا أرى لكم أن تولّوا أبا موسى. فقال الأشعث ومن معه : لا نرضى إلاّ به.
قال : ويحكم إنّه وإنّه وذكر عنه امورا ، ولكن هذا عبد الله بن عبّاس اولّيه ذلك.
قالوا : والله لا نحكّم فينا مضريان.
قال : فالأشتر. قالوا : وهل هاج هذا الأمر إلاّ الأشتر.
فقال لهم عليّ عليهالسلام : فاصنعوا الآن ما أردتم.
فبعثوا الى أبي موسى وكتبوا القضيّة. وقيل لأبي موسى : إنّ الناس قد اصطلحوا عليك. فقال : الحمد لله ربّ العالمين. قيل : وقد رضوا بك حكما. قال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
وكتبت الصحيفة لأيّام بقيت من صفر سنة سبع وثلاثين ، على أن يكون اجتماع الحكمين في موضع عدل بين الكوفة والشام. ومرّ الأشعث بالصحيفة يقرأها على الناس فرحا مسرورا حتى انتهى الى مجلس بني تميم فقرأها عليهم ، فقال له عروة بن اذينة : أتحكمون في دين الله وأمره ونهيه ، لا حكم إلاّ لله وكان أوّل من قال وشدّ بسيفه على الأشعث فأصابت الضربة كفل الفرس. وكادت العصبية تقع بين اليمانية والنزارية ، وتباغض القوم وتبرأ بعضهم من بعض ، الأخ من أخيه والابن من أبيه ، فأمر عليّ عليهالسلام بالرحيل لعلمه باختلاف الكلمة وعدم النظام وتضارب القوم بالمقارع ، ولام بعضهم بعضا.
وسار أمير المؤمنين عليهالسلام الى الكوفة ، ولحق معاوية بالشام ، وفرّق عساكره فيه ، والتقى الحكمان سنة ثمان وثلاثين بدومة الجندل.
وبعث أمير المؤمنين عليهالسلام بعبد الله بن عبّاس وشريح بن هاني في أربعمائة رجل فيهم أبو موسى ، وبعث معاوية عمرو بن العاص معه شرحبيل بن السمط في أربعمائة رجل. فلمّا تدانى القوم من الموضع قال ابن عبّاس لأبي موسى : إنّ عليّا