تعالى : (
فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا ) . وقال الشاعر : «
لدوا للموت وابنوا للخراب » .
فلو كانت تلك «
لام » العاقبة لما خرج أحد من الدنيا إلاّ عابد ، وهو معلوم البطلان.
قوله : ( وإنّه لا يستطيع أحد الاطّلاع على ذاته ولا على صفة من
صفاته ).
أقول : ذهب الجمهور من المعتزلة والأشاعرة إلى أنّ حقيقته تعالى
معلومة للبشر ؛ لأنّ وجوده معلوم ونفس حقيقته ، ولأنّا نحكم على ذاته بالصفات وهو
بدون تصوّرها محال .
وجواب الأولى :
أنّ وجوده المعلوم هو المشترك مع أنّه ليس بمعلوم بالكنه.
وجواب الثانية :
أنّا لا نسلّم أنّ الحكم بدون التصوّر محال ؛ لوجهين :
الأوّل : أنّا
نحكم على الأغذية والأدوية بأنّ لها خواصّا وآثارا مع جهلنا بحقائقها.
الثاني : أنّ
الحكم لو استحال على غير المتصوّر لاستحال الحكم عليه.
سلّمنا استحالة الحكم
بدون تصوّر لكن يكفي التصوّر العارضيّ ؛ فإنّا إذا علمنا أنّ العالم ممكن علمنا
أنّ له مؤثرا ما ، ونحن نعقل حقيقة المؤثّر في الشاهد ، فلمّا كان مطلق المؤثّر
معلوما موصوفا فيكون داخلا تحت مطلق المؤثّر ، وهذا جواب رصين.
أمّا الأوائل
وضرار والجويني وأبو الحسين البصري والغزالي فقد وافقوا على أنّها غير معلومة.
والدليل على ذلك
أنّ العلم بها إمّا ضروري وبطلانه ضروري ، أو كسبي وهو في التصوّرات إمّا بالحدّ
المشتمل على الجنس والفصل المنفيّين عنه ، أو بالرسم وهو
__________________