عشرون انَّ هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قاله ونقول الّذي جاء به شيطان فقال مهلاً يا أبان هذا حكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم انَّ المرأة تعاقل الرّجل إلى ثلث الدية فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف يا أبان إنَّك أخذتني بالقياس والسنة إذا قيست محقت (١).
وتوضيح فقه الرواية : انَّه قد اتّفق فقهائنا على انَّ الجنابة إذا قرّر عليها عنوان الدية أو نسبة منها فتكون للمرأة ديتها وللرجل ديته وامَّا إذا قرر في مورد مقدار معيّن كعشرين درهماً أو من الإبل فالمرأة تعاقل الرّجل وتساويه ما لم يبلغ ثلث ذلك المقدار المجعول أو لم يتجاوز ـ على الخلاف في ذلك ـ فإذا بلغ أو تجاوز رجعت إلى النصف وهذه هي القاعدة التي استغرب منها أبان بمقتضى هذه الرواية لأنَّه على خلاف المتفاهم العرفي إذ العرف لا يتعقل أَنْ تكون دية قطع أربعة أصابع من المرأة أقل من دية قطع ثلاثة منها.
والرواية معتبرة سنداً ، وهي تارة يستدلّ بها على الردع عن حجية القطع الناشئ من مقدمات عقلية وهذا ما تقدّم الجواب عليه في بحث حجية الدليل العقلي حيث ذكرنا هناك انَّه لا يستفاد منها الردع عن حجية القطع العقلي بعد حصوله وانَّما العتاب فيه بلحاظ انَّه كيف تسرع أبان في الجزم بالحكم الشرعي من دون التفات إلى القواعد الشرعية والبيانات الصادرة من الشارع على أساس مجرد استذواق عرفي أو عقلي ، وكم فرق بين ذلك وبين القطع العقلي بعد الالتفات إلى البيانات والقواعد الشرعية والفحص عنها.
وأخرى يستدلّ بها في مقامنا لإثبات الردع عن الظهورات العرفية القائمة على أساس ملازمات عرفية فانَّ الملازمة المذكورة وإِنْ لم تكن ثابتة عقلاً ، ولهذا ثبت بنحو الموجبة الجزئية مساواة المرأة للرجل في الدية أو الميراث ـ كما في الميراث بين الإخوة والأخوات من طرف الأُم فقط ـ إِلاّ انَّ ذلك بنحو الموجبة الجزئية لا أكثر ولعله للإشعار بأنَّ هذه التفاوتات لم يكن المنظور فيه التفضيل بل بنكات اجتماعية ومصالح نوعية
__________________
(١) وسائل الشيعة باب ٤٤ من أبواب ديات الأعضاء.