الواضح ان العلم الإجمالي فيه زيادة على هذين العلمين وهو العلم بوجود الجامع ضمن أحد الفردين لا مجرد عدم وجوده في الافراد الأخرى ، فلا بد من فرض العلم بوجود الجامع ضمن أحد الفردين فيقال هل انه متعلق بالجامع أو الواقع ونجري فيه البرهان المتقدم ، إلا ان هذا انما يتم لو سلمنا الأصل الموضوعي له وهو ان كل عنوان جامع يستحيل أن ينطبق على الفرد بخصوصيته إلا اننا ذكرنا في بحث الوضع العام والموضوع له الخاصّ ان هذا ليس بصحيح على إطلاقه ، وإن هناك نوعا من الجوامع ينطبق على الفرد بخصوصه وهي الجوامع العرضية بالنسبة لما هو فرده بالعرض لا بالذات كعنوان الفرد والخاصّ والشخص فراجع. بل المحقق العراقي ( قده ) نفسه أيضا التزم بذلك وقد اعتبرها جوامع اختراعية اصطناعية من قبل الذهن لا انها منتزعة من الخارج ومعه كيف يستدل في المقام على تعلق العلم الإجمالي بالواقع بأنه ينطبق على الفرد بتمامه. اللهم إلا ان يقصد من تعلقه بالواقع نفس هذا المعنى أي انه غير متعلق بالجامع الذاتي المنتزع من الخارج بل بجامع عرضي أو اختراعي هذا حاصل الكلام في توضيح هذا الاتجاه.
وقد اعترض عليه من قبل مدرسة المحقق النائيني ( قده ) بان العلم الإجمالي لو كان متعلقا بالواقع فما ذا يقال في الموارد التي لا تعين فيها للواقع ثبوتا كما لو علم بنجاسة أحد إناءين بالنجاسة البولية مثلا وكانا واقعا معا نجسين بالبول فان نسبة النجاسة المعلومة بالإجمال هنا إلى كل منهما على حد واحد فتطبيقه على كل منهما بعينه جزاف محض ، وتطبيقه عليهما معا خلف كون المعلوم نجاسة واحدة لا نجاستين فلا محيص عن الالتزام بتعلقه بالجامع الّذي هو امر واحد.
وهذا البرهان لا ربط له بالاتجاه المذكور أصلا إذ ليس مدعى صاحب هذا الاتجاه تعلق العلم بالواقع الخارجي مباشرة لوضوح ان الواقع ليس هو المعلوم بالذات في العلم التفصيليّ فضلا عن الإجمالي وإلا كان العلم مصيبا دائما ، وانما الكلام في المعلوم بالذات الّذي يفرغ في الاتجاهات الثلاثة عن كونه صورة ذهنية في أفق النّفس والخارج معلوم بالعرض له. وحينئذ يرجع مدعى صاحب الاتجاه الثالث إلى ان هذه الصورة الذهنية هي صورة الفرد لا الجامع أي صورة متطابقة مع الفرد الخارجي على