« مقتله »
حين فرغ خالد من « أسد وغطفان » توجه نحو البطاح حيث مالك بن نويرة وقومه هناك فلما عرف الأنصار الذين كانوا مع خالد عزمه على ذلك ، توقفوا عن المسير معه وقالوا : ما هذا بعهد الخليفة إلينا ، إنما عهده إن نحن فرغنا من « البزاخة » واستبرأنا بلاد القوم ، أن نقيم حتى يكتب إلينا .
فأجابهم خالد : إنه ـ أي الخليفة ـ لم يكن عهد إليكم بهذا ، فقد عهد إلي أن أمضي وأنا الأمير ، وإليَّ تنتهي الأخبار ، ولو أنه لم يأتني كتابٌ ولا أمر ثم رأيت فرصةً إن أعلمته بها فاتتني ، لم أعلمه حتى انتهزها ، وكذلك إذا ابتلينا بأمرٍ لم يعهد لنا فيه لم ندع أن نرى أفضل ما يحضرنا ثم نعمل به ، وهذا مالك بن نويرة بحيالنا ، وأنا قاصدٌ له بمن معي .
وكان مالك قد فرق قومه ونهاهم عن الإِجتماع ، وقال : يا بني يربوع ، إنا دعينا إلى هذا الأمر فأبطأنا عنه فلم نفلح ، وقد نظرت فيه فرأيت الأمر يتأتى لهم بغير سياسة ، وإذا الأمر لا يسوسه الناس ، فإياكم ومناوآة قوم صنع لهم ، فتفرقوا وادخلوا في هذا الأمر .
فتفرقوا على ذلك وسار خالد ومن معه قاصدين البطاح ، فلم يجدوا فيها أحداً ، فأرسل خالد سراياه في أثرهم فجائته بمالك بن نويرة في نفرٍ من بني يربوع ، فحبسهم !
وقد روى الطبري بسنده إلى أبي قتادة الأنصاري ـ وكان من رؤساء تلك السرايا ـ قال : إنهم لما غشوا القوم راعوهم تحت الليل ، فأخذ القوم السلاح ! قال أبو قتادة ، فقلنا : إنا المسلمون ؛ فقالوا : ونحن المسلمون ! قلنا ، فما بال السلاح معكم ؟ فقالوا لنا : فما بال السلاح معكم ؟؟ فقلنا : فإن كنتم كما تقولون ، فضعوا السلاح ، فوضعوا السلاح ، ثم صلينا وصلّوا .
قال العقاد : وبعد الصلاة خفوا إلى
الإستيلاء على أسلحتهم وشدّ وثاقهم ، وسوقهم أسرى إلى خالد ـ وفيهم زوجة مالك ليلى بنت المنهال أم