على أنها حق من حقوق « فاطمة الزهراء » نحلةً أو ميراثاً من أبيها ( ص ) وما ذلك منه إلا احدى دعواته لإقامة الحق ورفع الظلم أياً كان المظلوم .
نعم ، طالب منذ اليوم الأول بالخلافة معتبراً إياها حقاً مشروعاً له ، واعتبرها معظم قدماء الصحابة من المهاجرين والأنصار حقاً مشروعاً كذلك (١) . ومهما يكن الأمر فلم تكن مطالبته بها هدفاً دنيوياً ـ كما يتوهم البعض ـ بل محض واسطةٍ لتثبيت دعائم شريعة الله ، يبدو ذلك واضحاً جلياً من خلال خطبه ومواعظه التي وردت في كتب المؤرخين وفي نهج البلاغة ، كما يتضح ذلك أكثر خلال فترة حكمه وما جرى له مع الولاة الذين سبقوا عصر خلافته .
لقد كان علي ( ع ) منذ اليوم الأول لوفاة الرسول ( ص ) يراقب الأمور عن كثب مراقبة المسؤول الحريص على سلامة المسلمين ووحدتهم وكان الأهم عنده سلامة تطبيق مبادىء الإِسلام وشرائعه . . حتى جاء عهد عثمان ، فكان الإِنحراف وكان الإِلتواء ، كانا ماثلين أمام عينيه بشكل صارخ من جراء بعض الممارسات الشاذة التي قام بها بعض الولاة والأمراء ممن سبقوا عصر سلطته ـ كما قرأت .
لذلك وجدناه يصرّح في أكثر من مناسبة : بأنه سيجهد في إقامة العدل وتثبيته على الأرض بكل ما أوتي من قوة ومهما كانت النتائج وكان الثمن ، ومن ذلك قوله ( ع ) : « وسأجهد في أن أطهر الأرض من هذا الشخص المعكوس والجسم المركوس ، حتى تخرج المدرة من بين حب الحصيد » (٢) .
كما وجدناه أيضاً عمد إلى استبدال الرموز المتسلطة في الدولة بآخرين ممن استقامت الروح الإِسلامية في عقولهم وسلوكهم ، ثم بعد ذلك أوعز
__________________
(١) بالنص من النبي ( ص ) عليه في حجة الوداع / راجع . الغدير ١ / ٨ وما بعدها .
(٢) من كتاب له ( ع ) إلى ابن حنيف . نهج البلاغة ٣ / ٧٣ .