يوجد أمر بالصلاة إخفاتا ، فوقع البحث في المقام عن صحة هذا التطبيق للترتب وعدمه وقد نوقش فيه من قبل القائلين بالترتب بعده مناقشات نستعرض أهمها :
الإشكال الأول ـ ما أفاده الميرزا ( قده ) من ان الترتب انما يعقل من الضدين اللذين لهما ثالث واما الضدان اللذان لا ثالث لهما فلا يعقل الترتب فيهما ، لأن صدور الضد الآخر على تقدير ترك الأول ضروري حينئذ فلا يمكن الأمر به ولو بنحو الترتب ، وفي المقام يكون الجهر والإخفات في القراءة من الضدين اللذين لا ثالث لهما إذ القراءة اما أن تقع جهرية أو إخفاتية (١).
وقد أشكل على ذلك السيد الأستاذ : بأن الضدين في المقام هما القراءة الجهرية والقراءة الإخفاتية وهما من الضدين اللذين لهما ثالث ، وذلك بأن يترك القراءتين معا في الصلاة فالتطبيق المذكور تام من هذه الجهة (٢).
ولنا في المقام كلامان :
الكلام الأول ـ هو ان الترتب لا يعقل بين الأمرين الضمنيين سواء جعلا عبارة عن الأمر بالجهر والأمر بالإخفات أو الأمر بالقراءة الجهرية والقراءة الإخفاتية ، وانما الترتب بين الأمر بالصلاة الجهرية والأمر بالصلاة الإخفاتية. والوجه في ذلك : ان افتراض الترتب بين الأمرين الضمنيين في خطاب واحد يستلزم أخذ ترك الجزءين كالجهر مثلا شرطا للأمر الضمني بالإخفات ، فان أخذ شرطا في موضوع الأمر الضمني خاصة فهو غير معقول لأن مقتضى ضمنيته ان هناك أمرا واحدا بالمجموع فلا بد وأن يكون الشرط مأخوذا في ذلك الأمر الواحد الاستقلالي ، وان أخذ شرطا في موضوع الأمر الاستقلالي بالمركب ـ بنحو شرط الوجوب ـ لزم منه أخذ ترك الجهر مثلا في الخطاب الواحد الّذي من ضمنه الأمر بالجهر وهو مستحيل ، وان أخذ شرطا في متعلق الأمر بالإخفات ـ بنحو شرط الواجب ـ لزم فعلية كلا الأمرين الضمنيين أي الأمر بالجهر وبالإخفات المقيد بعدم الجهر وهو طلب الجمع بين الضدين المحال.
الكلام الثاني ـ ان الشرط لو كان هو عدم الجهر الأعم من السالبة بانتفاء
__________________
(١) أجود التقريرات ، ج ١ ، ص ٣١٠.
(٢) محاضرات في أصول الفقه ، ج ٣ ، ص ١٦٣ ـ ١٦٥.